مفاوضات أميركية روسية في الرياض: اتفاق على لجان تفاوضية "لإنهاء النزاع في أوكرانيا"

اتفق وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، على تعيين فرق تفاوضية للعمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا، في اجتماع روسي أميركي عقد في العاصمة السعودية، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وشدد روبيو على أنّ "الهدف هو التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف"، بينما شدد لافروف على "أهمية إزالة العوائق الاقتصادية المصطنعة"، في إشارة إلى العقوبات الدولية المفروضة على روسيا.
وعقد الاجتماع على مستوى وزيري الخارجية بمشاركة سيرغي لافروف، وهو الأبرز بين الطرفين منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا مطلع عام 2022، وغابت عنه أطراف أساسية معنية بالحرب مثل كييف والاتحاد الأوروبي.
وقال روبيو إنّه "مقتنع" بأنّ روسيا راغبة في الانخراط في "عملية جادة" لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وأعلن روبيو أن "فرصًا استثنائية للشراكة" بين واشنطن وموسكو ستكون متاحة في حال انتهاء الصراع في أوكرانيا.

وأشار إلى أن إنهاء الحرب هو "المفتاح" لتحسين العلاقات الثنائية. وقال روبيو إن الولايات المتحدة تسعى إلى إنهاء الحرب بطريقة "عادلة ودائمة"، مشددًا على ضرورة مشاركة الاتحاد الأوروبي في أي مفاوضات مستقبلية بشأن النزاع.
من جانبه، انتقد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، معتبرًا أنها تتم "بشأن أوكرانيا ولكن من دون مشاركة أوكرانية"، وذلك خلال زيارة رسمية إلى تركيا.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحافي مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، "يجب أن تشارك أوكرانيا وأوروبا بالمعنى الواسع، وهذا يشمل الاتحاد الأوروبي وتركيا وبريطانيا، في المحادثات وتطوير الضمانات الأمنية اللازمة مع أميركا في ما يتعلق بمصير جزئنا من العالم".
وأعلن زيلينسكي تأجيل زيارته إلى السعودية التي كانت مقررة الأربعاء، بعدما ندّد بالمحادثات الروسية الأميركية التي جرت في الرياض؛ وقال "نحن صادقون ومنفتحون، ولا أريد أي مصادفات. ولهذا السبب لن أذهب إلى السعودية". وأضاف أنه اتفق مع السلطات السعودية على تأجيل زيارته إلى "10 آذار/مارس المقبل".
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، إن المحادثات بين واشنطن وموسكو ستركز على "أراضٍ وضمانات أمنية"، مشددا على أن أي اتفاق يجب أن يضمن "نهاية دائمة" للحرب وليس "نهاية مؤقتة".
ولفت لافروف إلى أن موسكو أبلغت واشنطن رفضها نشر أي قوات من دول حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، معتبرًا أن "وجود قوات غربية تحت أي راية، سواء أوروبية أو وطنية، أمر غير مقبول لروسيا".

وصرّح المستشار الدبلوماسي للكرملين، يوري أوشاكوف، بأن المفاوضات كانت "جدية للغاية"، لكنه أشار إلى أن من "الصعب القول" إن المواقف بين موسكو وواشنطن قد تقاربت.
وشددت وزارة الخارجية الأميركية على أن الجانبين اتفقا على تشكيل "آلية تشاور" لحل الخلافات، مع تشكيل فرق تفاوضية رفيعة المستوى للتعامل مع النزاع الأوكراني.
ورأى أوشاكوف أن حل النزاع في أوكرانيا يجب أن يكون مرتبطًا بإعادة هيكلة البنية الأمنية الأوروبية، مطالبًا بانسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من شرق أوروبا، وهو مطلب روسي قديم.
ويمثل الاجتماع في الرياض أول لقاء رفيع المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا منذ بدء الحرب الأوكرانية، ويأتي عقب مكالمة هاتفية بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، بعد ثلاث سنوات من الجمود الدبلوماسي.
وعلى الرغم من عدم وجود مصافحات علنية أو تصريحات ودية، إلا أن الجانبين وصفا اللقاء بأنه "بناء ومفيد"، فيما أعرب لافروف عن اعتقاده بأن "الولايات المتحدة باتت تفهم الموقف الروسي بشكل أفضل".
وجرى اللقاء في قصر الدرعية، بحضور وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان ومستشار الأمن الوطني، مساعد بن محمد العيبان، قبل أن ينسحبا لترك الطرفين الأميركي والروسي يجريان مباحثاتهما المباشرة.

واستمر الاجتماع على مدار ساعات، مقسمًا إلى جلسة عمل صباحية استغرقت قرابة ساعتين ونصف، تلتها استراحة قصيرة، ثم استئناف المحادثات أثناء الغداء، وانتهت المفاوضات بعد الساعة الثالثة ظهرًا بالتوقيت المحلي.
وشدد لافروف في مؤتمر صحافي على أن هناك "اهتمامًا كبيرًا" بإزالة "الحواجز المصطنعة" التي تعوق التعاون الاقتصادي بين البلدين، في إشارة واضحة إلى العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس إن الاجتماع "وضع الأساس لتعاون مستقبلي في الملفات الجيوسياسية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى الفرص الاقتصادية والاستثمارية التي قد تنجم عن إنهاء النزاع في أوكرانيا".
وبعد انتهاء المفاوضات الأميركية-الروسية، التقى وزير الخارجية الروسي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية (واس)، فإن اللقاء جاء في إطار مناقشة الملفات الإقليمية والدولية، في ما يعكس اهتمام الرياض بلعب دور الوسيط في حلحلة القضايا العالقة بين القوى الكبرى.
وفي ظل هذه التحركات الدبلوماسية، تبدي كييف وحلفاؤها الأوروبيون مخاوف من أن يتم تقرير مصير أوكرانيا دون إشراكهم مباشرة في المفاوضات.
المصدر: عرب 48