Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

مقابلة مع د. عزمي بشارة

تضمنت المحاور مناقشة تحليلية حول نتائج الانتخابات وتأثيرها داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تداعيات فوز ترامب على القضية الفلسطينية، والمنطقة، والعالم.

مقابلة مع د. عزمي بشارة | تداعيات فوز ترامب على قضية فلسطين والمنطقة

(تصوير شاشة من المقابلة)

استضاف التلفزيون العربي، مساء اليوم الأحد، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، د. عزمي بشارة. وتناول اللقاء ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بنتائج الانتخابات الأميركية التي أسفرت عن فوز الحزب الجمهوري وعودة دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.

لمشاهدة اللقاء:

وقدّر بشارة بأن ما قد يقدمه الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، في المستقبل قد يكون أكثر سوءا مما شهدته ولايته الأولى، خصوصا في ما يتعلق بالمنطقة العربية وقضية فلسطين. وأشار إلى أن ترامب قد لا يعارض خطوة إسرائيل بضم مستوطنات الضفة الغربية إذا أقدمت على ذلك. كما توقّع أن يستخدم ترامب خطته الشهيرة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المعروفة باسم “صفقة القرن”، كقاعدة أساسية لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.

وفي حين تمنى بشارة أن يكون المسؤولون العرب جاهزون للضغط الآتي عليهم مع الرئيس الجمهوري العائد إلى البيت الأبيض، فإنه توقّع أن يطالب ترامب المسؤولين العرب وخصوصاً في بلدان الخليج بأربعة مسائل هي: شراء أسلحة أكثر وتخفيض سعر النفط وتسليح أنفسهم لكي لا تضطر أميركا للدفاع عنهم في مواجهة إيران والتطبيع مع إسرائيل من دون تلبية حقوق الشعب الفلسطيني.

فلسطين وترامب

وفي ما يتعلق بتداعيات فوز ترامب على فلسطين، قال بشارة إن المؤشرات تفيد بأن الآتي أسوأ في ما يتعلق بفلسطين في ظل رئاسة ترامب التي تبدأ في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل. واستند بشارة في توقعه إلى حقيقة أن الولاية الأولى للرئيس الجمهوري الـ45 غيّرت قواعد اللعبة لتثبيت أنه لا توجد قضية فلسطينية وأنها ليست مهمة لإبرام سلام مع إسرائيل، وبالتالي تغيير في جوهر الموقف من فلسطين، وهو ما لم يراجعه الرئيس جو بايدن الذي أبقى على قرارات ترامب الخاصة بصفقته مع نتنياهو (الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وضم الجولان إلى إسرائيل). ومن مؤشرات السوء الذي يتوقعه بشارة، أنه إذا أقدمت إسرائيل على ضم مستوطنات الضفة الغربية، فإن ترامب قد يعترف بذلك من دون وجود من يواجه هذه الخطوة من المسؤولين العرب الذين لم يفعلوا شيئاً بعد ضم القدس أواخر 2017.

وتساءل بشارة: لماذا نستبعد أن ينطلق ترامب من صفقته مع نتنياهو (المسمّاة صفقة القرن) ويذهب بها أبعد أو يطوّرها خصوصاً بعد الضربة الكبيرة التي نتلقاها الآن من الإسرائيليين في الضفة والإبادة المستمرة في غزة؟ تساؤل آخر يطرحه بشارة مفاده أنه بعد مجزرة غزة وحرب لبنان وما ترتكبه في الضفة الآن، هل يمكن تجاهل كل ما فعلته إسرائيل والتطبيع معها من دون أي اعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني؟

واعتبر أن الحكام الذين سيخاطبهم ترامب لإبرام تطبيع مع إسرائيل يجب أن يجيبوا عليه، هم الذين لم يقوموا بدورهم خلال الحرب على غزة، و”على الأقل نتوقع منهم أن يفعلوا شيئاً عندما يخاطبهم ترامب للتطبيع”. وفي هذا السياق، فإن ترامب سيطلب من الحكام العرب والخليجيين خصوصاً برأي بشارة أربعة مسائل رئيسية: شراء أسلحة أكثر وتخفيض سعر النفط وتسليح أنفسهم والتطبيع مع إسرائيل من دون تلبية حقوق الشعب الفلسطيني. أمام هذا السيناريو، يجب أن تكون هناك مجموعة ضاغطة عربية تطرح مصالحها الوطنية أولاً على الطاولة، وأن تشمل مصالحها تلك قضية فلسطين بدل الاستفراد بها.

كأن السفير لدى إسرائيل بمنصب وزير خارجية

وشدد بشارة على ضرورة أن يكون المسؤولون العرب جاهزون للضغط الآتي عليهم، مرجحاً أن تكون كل من مصر والأردن أكثر المتضررين في حال صعّد ترامب وإسرائيل خطواتهم في سبيل تهجير الفلسطينيين. ورداً على سؤال عن وجود احتمال أن يستعجل ترامب فعلاً إنهاء الحرب على غزة، أجاب بشارة أن نهاية تلك الحرب تقترب لكن ليس بفضل ترامب بل لأنه لم يتبقَّ شيئاً من غزة. واستطرد شارحاً أن عدم وقف الحرب حتى الآن يعود إلى أن البديل السياسي غير جاهز وفق الرؤية الإسرائيلية، وهو إدارة غزية منفصلة عن مصالح الغزيين وقضية فلسطين بإشراف عربي وفوقه إشراف إسرائيلي. أمر مشابه يحصل في لبنان وفق قراءته، ذلك أن الإسرائيليين يواصلون الحرب لأن شروطهم لم يتم القبول بها من قبل المقاومة. وتوقف المفكر العربي في المقابلة عند مجموعة من المفارقات، كتعيين ترامب مايك هاكابي سفيراً لأميركا لدى إسرائيل بالتزامن مع تعيينات كبار الوزراء والمسؤولين في إدارته، “وكأن السفير لدى إسرائيل بمثابة وزير خارجية” على حد تعبير بشارة الذي فسّر ذلك التزامن بأنه رسالة من ترامب لأصدقائه من اللوبي الصهيوني في أميركا وحلفائه وداعميه لإرضائهم.

وذكّر بشارة بأن الرئيس الأميركي يملك كل الصلاحيات في السياسة الخارجية لهذا البلد، وأشار إلى أن هامش المناورة في حالة ترامب أوسع لأنه محاط بموالين له ولأن هناك انطباع ومزاج عام يفيد بأن الرجل اجتاز كل الصعوبات في وصوله إلى الرئاسة، بالتالي هناك شعور بأن لديه تفويضاً كبيراً رغم أنّه ليست لديه شعبية عابرة للمعسكرات كما كان حال كل من باراك أوباما وجورج بوش الابن مثلاً. وشرح أن شعار “أميركا أولاً” يعني سياسة الصفقات التجارية بعيداً عن أي التزام تجاه المؤسسات الدولية والديمقراطية، لافتاً إلى أن ترامب هذه المرة محاط بمستشارين متحمسين لهذه السياسة خلافاً لما كان عليه الوضع خلال ولايته الأولى التي كان أركانها سياسيون “كلاسيكيون” مثل (وزير الخارجية الأسبق ريكس) تيلرسون و(وزير الدفاع الأسبق جيمس) ماتيس. مع ذلك، والكلام لبشارة، نفذ ترامب في ولايته الأولى أجندات لم يكن يتخيل أحد تنفيذها (مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والجولان جزءاً من إسرائيل) وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن ووقف تمويل وكالة أونروا وإبرام اتفاقيات التطبيع مع مجموعة من البلدان العربية. ويستدرك بشارة أن ترامب اليوم أقوى، بالتالي نتوقع منه تنفيذ أجندات أشرس، وهذا لا ينفي احتمال أن تكون بعض تهديداته هدفها المقايضة، مثل تلويحه برفع الجمارك إلى 60 في المائة على البضاعة الصينية، و20 في المائة على السلع الأوروبية.

عوامل عودة ترامب

وعن أسباب عودة ترامب للحكم، صحح بشارة ما جرى تداوله في هذا المجال في ما يتعلق بأهمية العامل الاقتصادي، وشدد على أن أداء إدارة بايدن اقتصاديا كانت أفضل بكثير من أداء إدارة ترامب السابقة لناحية النمو والبطالة.

وتطرق إلى أُشبع نقاشاً وتحليلاً حول عوامل مخاطبة غرائز الناس، والتحريض على المهاجرين غير الشرعيين وعدم انسحاب بايدن مبكراً من سباق الرئاسة لإتاحة مزيد من الوقت للمرشحة كامالا هاريس ولكي تستقل عنه سياسياً، لكنه توقف عند أنّ غالبية العوامل التي أدت إلى انتصار ترامب لا تختلف عن انتخابات 2016 (فوزه في الولاية الأولى) و2020 (خسارته أمام بايدن)، ذلك أن الغالبية اليمينية البيضاء تخشى ما تسميه “سحب الوطن من تحت أقدامها” تارة من رئيس أسود (أوباما) وتارة من سيدة (هيلاري كلينتون)، وتارة من سيدة سوداء (هاريس)، ولكن الفارق بحسب تحليل بشارة أن الاستنفار كان هذه المرة أكبر عند هذه الغالبية اليمينية البيضاء (من ناخبي ترامب) في حين أن المعسكر الديمقراطي كان يعاني من انخفاض نسبة التصويت ومن خمول وتعب من إدارة بايدن. ولاحظ بشارة أن دعايات ترامب الأكثر تأثيراً كانت حول القضايا التي قد لا تعني غالبية الأميركيين على عكس ما يظنه بعض الديمقراطيين، مثل قضايا المتحولين جنسياً. وماذا لو رشح الديمقراطيون شخصاً أبيض؟ يجيب بشارة أن الانتخابات الأميركية غالباً ما كانت تجري في السابق بين رجال بيض وأحدهم يربح، لذلك لا ضمان أنه لو كان مرشح الديمقراطيين من أصحاب البشرة البيضاء، لتغيرت النتيجة، مؤكداً، بالاستناد إلى الأرقام والاستطلاعات، أن الكثير ممن لم يصوتوا لهاريس فعلوا ذلك لأنها سيدة وسوداء، وغالبية السود صوّتوا لهاريس بينما غالبية البيض لترامب.

أميركا القديمة

واعتبر بشارة أن القاعدة الناخبة لدونالد ترامب لطالما كانت موجودة وعددها كبير، وهي لا تزال تؤمن بقيم أميركية بيضاء بروتستانتية تستند على ما تراه قيما للعائلة الأميركية والخوف من المهاجرين والظواهر الجندرية، وقناعات من نوع أن الفقر نوع من الكسل وممنوع أن تأخذ الدولة مال الأثرياء (الضريبة) لمساعدة الفقراء، وكل ما فعله ترامب أنه يتحدث باسم هذا التيار من دون خجل وهذا أحد أسباب قوته.

وخلص بشارة إلى أن الكثير من المحافظين يؤيدون ترامب لأنهم سلفيون يريدون العودة بأميركا إلى تلك المرحلة وهو ما يجسده شعار ترامب “جعل أميركا عظيمة من جديد”. ونبه إلى أن ترامب ليس من هؤلاء، بل هو مجرد انتهازي محاط بمجموعة من الطفيليين الأغنياء الجدد الوافدين مثله من قطاعات التطوير العقاري من البرجوازية غير المنتجة، وقد التقوا مصلحيا مع هذه الفئة من المحافظين.

وأوضح أن هذه الردة الانعزالية في المجتمع الأميركي لم تطل المدن الرئيسية، بل الريف والضواحي والمدن الصغيرة. وأضاف أنه إذا لم يستغل ترامب ولايته الثانية لإحداث تغييرات بنيوية حقيقية مستفيداً من وجود مناصرين له في المحكمة العليا ومن الغالبية الجمهورية في مجلسي الكونغرس، فستكون فترة صعبة وتمضي، لكن هذه الفترة خطيرة لأن ترامب ورجاله سيستغلونها لإحداث تغييرات جذرية في الثقافة والتعليم والضرائب، ولأن المؤسسات كلها سُدّت أمام القوى التي ستعارض الرئيس المنتخب، ولن يكون أمام معارضيه إلا الشارع والفضاء العام، وهو ما سيؤدي وفق تقدير بشارة إلى اندلاع صراع حقيقي يبدأ ربما بعد مرور أول عام من حكم ترامب.

دور العرب والمسلمين في فوز ترامب وخسارة هاريس… غير مؤثر

وفي إطار تحليله للدور الذي أداه عرب ومسلمون في أميركا لمصلحة فوز ترامب، اتفق بشارة مع القائلين إن سياسة بايدن الخارجية أثرت على الآلاف لناحية عدم الحماس للتصويت لهاريس، لكنه جزم بأن الصوت العربي في الانتخابات لم يكن مؤثراً، واختصر المسألة بعبارة: الفارق بين هاريس وترامب لم تصنعه ميشيغن (التي تُعتبر عقر دار الأميركيين العرب والمسلمين في أميركا). واختصر بشارة أزمة العرب والمسلمين في أميركا بأنهم لم يتمكنوا من حجز تأثير خاص بهم على الانتخابات لأنهم لم يتنظموا على أساس قضاياهم ولأنهم غير متفقين على قضاياهم كعرب وكمسلمين. وفي حين أكّد بشارة أن مواقف الحزب الديمقراطي كانت بالغة السوء حيال غزة وقضايا منطقتنا بالنسبة إلى العرب والمسلمين، لكن استراتيجياً وعلى المدى البعيد، الأقليات تنشط في الحزب الديمقراطي لكي تكون مؤثرة، ورهان العرب والمسلمين اليوم ربما يجب أن يكون في ذلك الحزب الذي لا تؤيد غالبية شبابه إسرائيل وتعارضون الاحتلال، على حد تعبير عزمي بشارة الذي أعرب عن قناعته بأن العرب والمسلمين الذين يعتقدون أن ترامب سيحمي قيم العائلة واهمون، لأن ترامب لا يفعل سوى مخاطبة مخاوف الناس وهو شخصياً أغلب الظن أنه غير حريص على أي قيم.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *