مكتبها لا يزال على حاله
يؤكّد العمري أنّ شيرين “تركت فراغًا هائلًا، لأنّها لم تكن فقط كبيرة مراسلي الجزيرة، بل كانت طاقمًا كاملًا”
بعد عام على استشهاد الصحافيّة الفلسطينيّة شيرين أبو عاقلة برصاص جيش الاحتلال، لا يزال مكتبها على حاله صامتًا وفارغًا إلّا من بعض أغراضها الشخصيّة، فيما قناة الجزيرة متمسّكة بمتابعة قضيّتها أمام القضاء الدوليّ.
في مكاتب “الجزيرة” الّتي تزخر بصور الصحافيّة المعروفة على نطاق واسع في العالم العربيّ، يقول زملاؤها إنّهم لا يزالون “غير مصدّقين” أنّها رحلت عنهم.
ويقول المصوّر مجدي بنورة الّذي كان يرافقها لدى مقتلها “نسلم كلّ صباح على شيرين كلّما دخلنا المكتب”. ويضيف “رغم مرور عام على استشهادها، ما زلت غير مصدّق أنّها رحلت، وأشعر في بعض الأحيان أنّني أعيش في حلم”.
ويتابع، بينما اغرورقت عيناه بالدموع “أتذكّر كلّ كلمة معها، عندما كنّا نسافر في رحلة عمل، وعندما صرخت، وأتذكّر كلّ رصاصة أطلقت علينا، أسمعها كأنّها البارحة”. ويقول “نحاول أنا وزملائي أن نقنع أنفسنا أنّها في إجازة وأنّها ستعود”، ثمّ يضيف “أتمنّى العدالة لشيرين، وأن تأخذ حقّها”.
ويؤكّد مدير مكتب القناة وليد العمري أنّ قناة الجزيرة تتابع القضيّة في كلّ المحافل الدوليّة، وأنّها “لن تتوقّف مهما طال الوقت”.
واستشهدت شيرين أبو عاقلة (51 عامًا في حينه) في 11 أيّار/مايو العام الماضي خلال تغطيتها في مخيّم جنين للّاجئين الفلسطينيّين في شمال الضفّة الغربيّة المحتلّة. وتركت إدارة القناة مكتب أبو عاقلة على حاله كما غادرته قبل مقتلها، وعلّقت على أحد جدرانه صورتين لها، إحداهما ترتدي فيها درع الصحافة الواقي.
وإلى جانب مكتبها، غرفة توزّعت فيها عشرات باقات الورود واللافتات وصورها الّتي جلبها الزوّار إلى المكتب عقب مقتلها.
ويؤكّد العمري أنّ شيرين “تركت فراغًا هائلًا، لأنّها لم تكن فقط كبيرة مراسلي الجزيرة، بل كانت طاقمًا كاملًا”.
ويقول لوكالة فرانس برس من مكتبه في وسط مدينة رام اللّه في شارع بات يحمل اسم أبو عاقلة “نحن غير جاهزين للقول إنّنا جلبنا بديلًا لشيرين”. ويضيف “نفسيًّا ولغاية الآن… نحن غير قادرين أن نفارق شيئًا من أثر شيرين، لذلك أبقينا المكتب على حاله”.
ويوضّح أنّ المكتب ومقتنيات أبو عاقلة ستنقل إلى متحف “شيرين أبو عاقلة للإعلام” الّذي ستحتفل إدارة القناة الّتي مولت بناءه وبلديّة رام اللّه الّتي قدّمت قطعة الأرض، بوضع حجر الأساس له الخميس.
وفي تقرير لها نشر الثلاثاء، أكّدت لجنة حماية الصحافيّين الأميركيّة توثيقها خلال العقدين الماضيين ما لا يقلّ عن “20 حالة قتل فيها صحافيّون (18 فلسطينيًّا وبريطانيّ وإيطاليّ)” على أيدي جيش الاحتلال.
وخلصت اللجنة إلى أنّه “لم يتمّ توجيه اتّهامات إلى أحد ولم يخضع أحد للمسائلة بشأن هذه الوفيات”.
وقال أحد مسؤولي اللجنة روبرت ماهوني أنّ “مقتل أبو عاقلة وفشل آليّة تحقيق الجيش وعدم تحميل أحد المسؤوليّة ليس قضيّة معزولة”، مندّدًا بعمليّة “تبدو مصمّمة للإفلات من المساءلة”.
وأشارت اللجنة الى أنّ غالبيّة الصحافيّين المقتولين كان يمكن التعرّف عليهم بسهولة، وأنّ قتلهم “يضعف حرّيّة الصحافة، ويزيد من القلق على سلامة الصحافيّين الفلسطينيّين والأجانب”.
وعقب استشهاد الصحافيّة الفلسطينيّة، شكّلت إدارة الجزيرة طاقمًا من الخبراء القانونيّين من بريطانيا لمتابعة القضيّة لدى المؤسّسات الحقوقيّة الدوليّة، وزار الطاقم الأراضي الفلسطينيّة مرّتين، والتقى شهودًا ثلاث مرّات كما أجرى تحقيقًا ميدانيًّا.
وفي كانون الأوّل/ديسمبر، رفعت قناة الجزيرة القطريّة الملفّ إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة، مؤكّدة أنّها قتلت عمدًا برصاص القوّات الإسرائيليّة.
ويقول العمريّ “القرار في أعلى المستويات في إدارة الجزيرة أن نتابع هذه القضيّة لتحقيق العدالة”. ويقول “بعد مرور عام، لم يتّخذ أيّ قرار، والشرعيّة الدوليّة عليها أن تثبت عدالتها”.
ويضيف “لكنّنا سنقوم بكلّ ما علينا لمتابعة القضيّة… ما زلنا نضغط باتّجاه أن يتحرّك النائب العامّ في المحكمة الجنائيّة لكي تتّخذ قرارًا”.
ويشير الى خيارات تتمثّل إمّا “في الإعلان عن تشكيل لجنة دوليّة رسميّة مستقلّة وإمّا أن تعلن (المحكمة الجنائيّة الدوليّة) موقفًا واضحًا لتحقيق العدالة لشيرين”.
وينظّم الفلسطينيّون في ذكرى استشهاد أبو عاقلة فعّاليّات إعلاميّة وثقافيّة لتخليد ذكراها. وأقام مركز الفنّ الشعبيّ الفلسطينيّ الّذي كانت أبو عاقلة عضوًا في هيئته العامّة مع عائلتها وأصدقائها، حفلة ثقافيّة إحياء لذكراها في قصر رام اللّه الثقافيّ.
وأكّد أنطوان أبو عاقلة، شقيق الصحافيّة الراحلة، أنّ العائلة تنتظر تحقيق “العدالة لشيرين”.
وقال “خلال هذه السنة، مررنا بالعديد من المراحل والتجارب والتحدّيات لنحاول تحصيل حقّ شيرين، وتحقيق العدالة لشيرين، العدالة الّتي ينتظرها الجميع بعد اغتيال شيرين”.
المصدر: عرب 48