ملك البوب الذي عانى طوال حياته من العنصريّة البيضاء
استمرّت تجارب جاكسون مع العنصريّة طوال مسيرته الفرديّة، حيث في عام 1984، حرم من عضويّة ناد ريفيّ في كاليفورنيا؛ بسبب سواد بشرته، وعندما اشترى مزرعة نيفرلاند في كاليفورنيا، ورد أنّه واجه مقاومة من الجيران الّذين لا يريدون وجود شخص أسود
لا تزال حكايات وأخبار الفنّان مايكل جاكسون، والذي طلق عليه “ملك البوب”، تُير الجدل بعد ١٤ عامًا من وفاته، حيث ما زالت بعض الحكايات والأساطير تحيط به حتّى يومنا هذا، وفي هذا الصدد، يستعدّ الممثّل الأميركيّ جعفر جاكسون، وهو نجل شقيق مايكل جاكسون، لتجسيد شخصيّة عمّه في فيلم السيرة الذاتيّة الذي يحمل اسم “مايكل”.
وكان مايكل جاكسون، أحد أشهر الموسيقيّين في القرن العشرين، ومع ذلك، طوال حياته ومهنته، عانى جاكسون من العنصريّة والتمييز، ممّا أثّر دون ريب على فنّه وحياته الشخصيّة.
وولد جاكسون في غاري، إنديانا، في عام 1958، وبدأ حياته المهنيّة في سنّ مبكّرة كعضو في فرقة جاكسون 5، وكانت فرقة عائليّة سوداء حقّقت نجاحًا عالميًّا، وكانت موسيقاهم مشهورة بشكل لا يصدّق في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من نجاحهم، إلّا أنّهم واجهوا العنصريّة والتمييز، لا سيّما خلال سنواتهم الأولى، إذ غالبًا ما كانوا يؤدّون عروضهم في أماكن لم يسمح لهم فيها باستخدام نفس الحمّامات أو تناول الطعام في المطاعم نفسها مثل نظرائهم البيض.
واستمرّت تجارب جاكسون مع العنصريّة طوال مسيرته الفرديّة، حيث في عام 1984، حرم من عضويّة ناد ريفيّ في كاليفورنيا؛ بسبب سواد بشرته، وعندما اشترى مزرعة نيفرلاند في كاليفورنيا، ورد أنّه واجه مقاومة من الجيران الّذين لا يريدون وجود شخص أسود يعيش في المنطقة، وبالإضافة إلى ذلك ، أصبح لون جلد جاكسون مصدرًا للجدل والتكهّنات، حيث خضع خلال الثمانينيّات والتسعينيّات لعدّة عمليّات جراحيّة وعلاجات تجميليّة، ممّا جعل بشرتك تبدو أفتح، وأدّى ذلك إلى انتشار شائعات بأنّه كان يحاول “تبييض جلده والنأي بنفسه عن هويّته السوداء”.
هذه التجارب من العنصريّة والتمييز كان لها بلا شكّ تأثير على فنّ جاكسون، إذ غالبًا ما تناول في موسيقاه القضايا الاجتماعيّة، بما في ذلك العنصريّة وعدم المساواة والظلم. ففي أغنيته الفرديّة “أسود أو أبيض” التي أطلقها عام 1991، تناول جاكسون قضيّة العنصريّة وجهًا لوجه، وتقول كلمات الأغاني، “لن أقضي حياتي في أن أكون لونًا” و “لن أقضي حياتي كضحيّة”. كما يتميّز فيديو الأغنية بمونتاج لأشخاص من أعراق مختلفة.
وفي أغنيته الّتي صدرت عام 1995 بعنوان “إنّهم لا يهتمّون بنا”، تناول جاكسون وحشيّة الشرطة وعنصريّتها، تقول كلمات الأغاني، “اضربني، أكرهني، لا يمكنك أبدًا أن تحطمني”، و “كلّ ما أريد قوله هو أنّهم لا يهتمّون بنا حقًّا”، حيث يعرض مقطع الفيديو الخاصّ بالأغنية أيضًا مشاهد عن وحشيّة الشرطة والظلم العنصريّ، ممّا يؤكّد التزام جاكسون بمعالجة هذه القضايا من خلال موسيقاه.
امتدّ التزام جاكسون بمعالجة العنصريّة والتمييز من خلال موسيقاه إلى ما هو أبعد من تجاربه الخاصّة، فقد تعاون مع فنّانين آخرين في الأغاني الّتي تناولت قضايا اجتماعيّة، مثل “We Are the World” و “What More Can I Give”. بالإضافة إلى تبرّعه بملايين الدولارات للجمعيّات الخيريّة والمنظّمات المختلفة، بما في ذلك صندوق United Negro College، وNAACP، وجهود الإغاثة في 11 أيلول/ سبتمبر.
وعلى الرغم من جهوده لمكافحة العنصريّة والتمييز، لا يزال جاكسون يواجه انتقادات وردود فعل عنيفة من بعض أعضاء المجتمع الأسود، حتّى بعد وفاته إذ يدّعي كثيرون بأنّ عمليّاته التجميليّة ولون بشرته الفاتح كانت محاولة لنأي نفسه عن هويّته السوداء وكسب قبول الجماهير البيضاء، كما تعرّضت موسيقاه لانتقادات كبيرة، لكونها شديدة “البوب” و”تفتقر إلى الأصالة”، بحسب بعض النقّاد. ومع ذلك، فإنّ معجبي جاكسون وأنصاره يجادلون بأنّه استخدم منصّته لمعالجة القضايا الاجتماعيّة المهمّة وتعزيز الوحدة والمساواة، كما يشيرون إلى جهوده الخيريّة العديدة ودوره كرمز ثقافيّ كسر الحواجز أمام الفنّانين السود في صناعة الموسيقى.
وعلى الرغم من بعض التقدّم الذي شهده السود في أميركا في تحصيل حقوقهم، فلا تزال هذه المجتمعات تواجه التمييز في أشكال مختلفة، بما في ذلك التوظيف والإسكان والتعليم، حيث جلبت حركة Black Lives Matter، الّتي اكتسبت زخمًا في عام 2020، الانتباه مجدّدًا إلى وحشيّة الشرطة والعنصريّة المنهجيّة في الولايات المتّحدة.
المصدر: عرب 48