مواقع التواصل والمعلومات المضلّلة: تأثيرات عميقة على المجتمعات
في مواجهة هذه التحدياتً، أصبح محو الأمية الإعلامية أكثر أهمية من أي وقت مضى بحسب باحثين، إذ تزود الثقافة الإعلامية الأفراد بالمهارات اللازمة لتحليل وتقييم الرسائل الإعلامية بشكل نقديً، وتمكينهم من التمييز بين المصادر الموثوقة والمعلومات المضللة
يلعب الإعلام دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العامً، حيث يعمل كجسر بين الأحداث التي تحدث من حولنا وعامة السكان، وكأداة قويةً، يمكن أن تؤثر وسائل الإعلام على معتقدات الناس ومواقفهم وسلوكياتهم.
وتعتبر الدعاية هي فن التأثير على الرأي العام من خلال معلومات متحيزة أو مضللةً، وغالبًا ما تستخدم للترويج لأجندة أو أيديولوجية معينة. على مر التاريخً، حيث استخدمت الحكومات والأحزاب السياسية وحتى الشركات الدعاية للتأثير على الجماهير لصالحها، إذ تتخذ الدعاية أشكالًا عديدةً، مثل النداءات العاطفية وإثارة الخوف وأنصاف الحقائق، حيث أدى ظهور وسائل الإعلام الرقمية إلى تسهيل الانتشار السريع للدعايةً، مما زاد من تأثيرها، وفي الأنظمة الاستبداديةً، تعتبر الدعاية أداة قوية للسيطرة على السرد وقمع المعارضة، ومن خلال الرقابة ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولةً، يمكن للحكومات أن تتلاعب بالتصورات العامة وتخنق وجهات النظر البديلة والتفكير النقدي.
وكذلك التحيز الإعلامي هو عامل مهم آخر يؤثر على الرأي العام، حيث يمكن أن يظهر التحيز بطرق مختلفةً، مثل التحيز الأيديولوجيً، وتحيز الشركاتً، والإثارة، ويحدث التحيز الأيديولوجي عندما تعطي وسائل الإعلام الأولوية لأيديولوجية سياسية على غيرهًا، وتقدم الأخبار بطريقة تدعم وجهات نظرها الخاصة، وقد يظهر التحيز المؤسسي عندما تعطي المؤسسات الإعلامية الأولوية للربح على الحيادً، مما يؤدي إلى إعطاء الأولوية للمحتوى المثير أو الموجه نحو الترفيه، بالإضافة إلى ذلكً، أدى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي إلى تفاقم قضية التحيز الإعلامي، وغالبًا ما تنشئ خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي غرف صدىً، حيث يتعرض الأفراد فقط لمحتوى يعزز معتقداتهم الموجودة مسبقًا، وهذا التعزيز يؤدي إلى الاستقطاب ويزيد من انقسام المجتمع على أسس أيديولوجية.
وأدى العصر الرقمي إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى المعلوماتً، مما سمح لأي شخص بأن يصبح منشئ محتوى، ومع ذلكً، أدى هذا الانفتاح أيضًا إلى انتشار المعلومات المضللة على نطاق واسع، وتشمل المعلومات المضللة المعلومات الخاطئة أو المضللة التي يتم مشاركتها دون نية الخداع، كما يمكن أن ينشأ عن أخطاء حقيقية أو سوء فهم أو محاولات متعمدة للتضليل.
وأصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعيً، في الوقت الذي تعزز فيه الاتصالً، أرضًا خصبة للمعلومات المضللة، حيث انتشرت الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة والعناوين المثيرة كالنار في الهشيمً، وغالبًا ما تصل إلى الملايين في غضون دقائق، ويمكن أن تكون عواقب المعلومات المضللة وخيمةً، مما يؤدي إلى الذعر العامً، وتقويض الثقة في المؤسساتً، والمساهمة في تآكل العمليات الديمقراطية، وكذلك تأثير وسائل الإعلام على الرأي العام له عواقب بعيدة المدى على المجتمع، إذ عندما يتعرض الناس لمعلومات متحيزة أو مضللةً، يمكن أن تتشوه تصوراتهم للواقعً، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة، ويمكن أن يكون لهذا تداعيات وخيمة على الانتخابات وصنع السياسات والخطاب العام، بالإضافة إلى ذلكً، يمكن أن يساهم التلاعب في وسائل الإعلام في الاضطرابات الاجتماعيةً، حيث يمكن أن تؤدي المعلومات الخاطئة والدعاية إلى تعزيز الانقسام والعداء بين المجموعات المجتمعية المختلفة، كما يمكن أن يؤدي التحيز الإعلامي أيضًا إلى تهميش وجهات نظر معينة وتعزيز الصور النمطية الضارة. وهذا بدوره يمكن أن يديم التمييزً، ويؤدي إلى تفاقم عدم المساواة المجتمعيةً، ويعيق التقدم نحو مجتمع أكثر إنصافًا.
وفي مواجهة هذه التحدياتً، أصبح محو الأمية الإعلامية أكثر أهمية من أي وقت مضى بحسب باحثين، إذ تزود الثقافة الإعلامية الأفراد بالمهارات اللازمة لتحليل وتقييم الرسائل الإعلامية بشكل نقديً، وتمكينهم من التمييز بين المصادر الموثوقة والمعلومات المضللة، ومن خلال تعزيز الثقافة الإعلاميةً، يمكن للمجتمع أن يمكّن المواطنين من أن يكونوا نشطينً، ومستهلكين مميزين للمعلوماتً، وأقل عرضة للتلاعب.
المصدر: عرب 48