Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

نتنياهو لا يسعى إلى إنهاء الحرب!

بعد أن قايض حياة الأسرى المحتجزين في قطاع غزّة بحزمة كبيرة من الإنجازات العسكريّة، قدّم خلالها للمتظاهرين المطالبين بصفقة تبادل، عددًا من رؤوس المقاومة الفلسطينيّة واللبنانيّة، ابتداء من العاروي وهنيّة وانتهاء بنصراللّه والسنوار، أطبق بنيامين نتنياهو المتّهم بإطالة أمد الحرب خدمة لبقائه في الحكم على الإجماع الإسرائيليّ بشكل مطلق، وحصل على تفويض لاستكمال حربه وتوسيع جبهاتها نحو لبنان، وربّما إيران وصولًا إلى تغيير “خارطة الشرق الأوسط”.

وبدون شكّ، فإنّه بإسكات صوت حملة الاحتجاج المطالبة بتحرير الأسرى، يكون نتنياهو قد نجح في إزالة آخر العثرات الّتي كانت تعترض طريق مواصلة حرب الإبادة اللانهائيّة، الّتي ستحوّله من حاكم فاسد وفاشل مصيره السجن مدموغًا بعار ملفّات الفساد الّتي يحاكم فيها أو بعار إدانات لجنة التحقيق الرسميّة في موضوع فشل السابع من أكتوبر، إلى تشرتشل إسرائيليّ، أو إلى بن غوريون الثاني الّذي أعاد بعث الدولة اليهوديّة مجدّدًا.

وكانت حملة الاحتجاج المطالبة بإطلاق سراح الأسرى هي المعقل الإسرائيليّ الأخير المعارض لاستمرار الحرب الدمويّة، بعد أن نجح نتنياهو في تحييد الضغوط الداخليّة المتمثّلة بأحزاب المعارضة ومع الضغوط الخارجيّة الّتي تمثّلت بالموقف الأميركيّ أساسًا.

استطاع نتنياهو في المستوى الداخليّ احتواء المعارضة السياسيّة؛ لأنّها تفتقر إلى عمود فقريّ سياسيّ وبديل سلطويّ وقياديّ حقيقيّ، وهي كما وصفها بروفيسور يجيل ليفي، تتبنّى سرديّة اليمين حول الحرب، وبرغم ادّعائها بأنّ إطالة أمدها يخدم اعتبارات نتنياهو وتحالفه الكهانيّ المتطرّف، فإنّها تؤيّد الحرب بكلّ جبهاتها وتؤمن بعدالتها، بل إنّها تفوق في بعض الأحيان بنيامين نتنياهو من جهة اليمين، خاصّة عندما توجّه له اللوم على تردّده وامتناعه من اتّخاذ قرارات حاسمة في وقت مبكّر بما يتعلّق بحماس، وسكوته عن تعاظم قوّة حزب اللّه في الشمال، وعن المشروع النوويّ الإيرانيّ حتّى اليوم.

هذه المعارضة قبلت أن تشكّل غطاء طوعيًّا لبنيامين نتنياهو في الفترة الأولى للحرب على غزّة، عبر الانخراط في “حكومة الطوارئ” وساهم جنرالاتها غانتس وايزنكوت في غرفة عمليّاتها المسمّاة بـ”مجلس الحرب”، وظلّت حتّى بعد انسحابها من حكومة الطوارئ تصفّق لكلّ عمليّة اغتيال، وتؤيّد كلّ توسيع لجبهات الحرب، بل هي كانت سبّاقة في الدعوة شنّ الحرب على لبنان، ولا تقلّ حماسة في الردّ على إيران.

وفيما يتعلّق بالموقف الأميركيّ، فقد استغلّ نتنياهو فترة الانتخابات الأميركيّة وقوّة نفوذ اللوبي الصهيونيّ الأمريكيّ في الكونغرس، وفي سائر مفاصل الدولة العميقة، إلى جانب ضعف الرئيس بايدن وغضاضة عود خليفته ومرشّحة الحزب الديمقراطيّ كاميلا هاريس، لكسر عنفوان الموقف الأميركيّ وتطويعه، وشلّ أيّ قدرة له في التأثير في مجريات الحرب، رغم الدعم العسكريّ والسياسيّ غير المحدود الّذي يقدّمه لإسرائيل.

وبالرغم من الطريق المسدود الّتي يقود إليها نتنياهو حربه اللامنتهيّة، فإن تعطيله للمكابح المذكورة آنفًا يجعل قاطرتها تندفع دون توقّف في جرائم الإبادة الّتي حوّلت الحرب من مسرح قتال إلى عمليّات قتل، منتقلة من استعمال نموذج الضاحية في غزّة إلى استعمال نموذج غزّة في لبنان عبر تدمير قرى برمّتها ومربّعات سكنيّة كاملة، وتهجير مئات الآلاف من السكّان إلى جانب استهداف الطواقم الصحّيّة ومحيط المستشفيات واستهداف الصحفيّين وقصف المقرّات الصحفيّة وتدمير كلّ معالم الحياة.

في غزّة تقوم إسرائيل بشكل حثيث بتطبيق ما يسمّى بـ”خطّة الجنرالات” الّتي تستهدف إخلاء شمال القطاع، من خلال “نموذج جباليا” في نسف البيوت عن بعد، وقصف المدارس ومراكز الإيواء وفرض حصار التجويع الخانق، وفصل مدينة غزّة عن منطقة الشمال، كمقدّمة لتهجير السكّان إليها لتهجرها في المرحلة التالية.

وسط كلّ ذلك يندفع نتنياهو بتعبير رفيف دروكر إلى الهدف القادم المتمثّل بإيران، علّه يحقّق حلمه القديم بزجّ الولايات المتّحدة في حرب تفضي إلى نزع السلاح النوويّ الإيرانيّ.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *