نخاف على حياة أبنائنا.. التعلم عن بعد حل آمن
من يتابع منشورات السلطات الإسرائيلية، وخصوصا وزارة التربية والتعليم وبعض موظفيها ومفتشيها الناطقين باللغة العربية، يصل إلى قناعة أن أمامه مستخدمين ينفذون أوامر عسكرية صادرة عن حكم عسكري وليس عن وزارة تربية وتعليم.
الحاكم العسكري (!) يجلس في ملجأ محصن ومكيّف، يصدر الأوامر تلو الأوامر في إطار خطاب فوقي فظ، وأتباعه مُلزمون بتنفيذها، ولا حق لهم بأن يعترضوا أو يرفضوا، نعم هكذا وبكل صلافة ووقاحة.
وللأسف الشديد، سلطاتنا المحلية ومدارسنا العربية تنفذ هذه السياسات والقرارات، دون الأخذ بعين الاعتبار أن توفير الأمن والأمان وحماية أبنائنا الطلاب أهم من تنفيذ سياسات حكومة نتنياهو التي لا تريد للحرب اللعينة أن تتوقف.
فقط اليوم، أعُيد طلاب المدارس في قريتنا البعنة بقرار من المجلس المحلي اتخذه أمس، على سبيل المثال لا الحصر، إلى التعليم الوجاهي دون الاستماع لرأي غالبية الأهالي الرافضين لإعادتهم، حياة أبنائنا أهم من قرارات حكومة نتنياهو وجبهتها الداخلية.
ماذا أقول لمعلمة ترفض أن تدرّس الطلاب عبر منظومة التعلم عن بعد، وتضغط من أجل إعادة الطلاب إلى المدرسة، التي وقع صاروخان على بعد عشرات الأمتار منها؟ وعندما تسأل هذه المعلمة عن ضمان الأمن والأمان للطلاب تتهرب من تحمل المسؤولية وتلقي بها على السلطة المحلية والجبهة الداخلية!
يا هؤلاء، إن طلابنا وطالباتنا ليسوا دروعا بشرية لقرارات أقل ما يقال عنها غير مدروسة وعشوائية وعديمة المسؤولية.
إن القرارات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية تستخف بحياتنا وحياة أبنائنا لتنفيذ مآربها السياسية، ورسم صورة وكأن الحياة تسير بصورة اعتيادية في منطقتنا، شمالي البلاد.
إن القرار بإعادة طلابنا إلى المدارس وسط تصاعد القصف وسقوط القذائف الصاروخية في هذه الأيام العصيبة بشكل شبه يومي على قرانا العربية وانعدام الملاجئ العمومية فيها بفعل سياسة السلطات الإسرائيلية يؤكد تجاهل الحكومة الصارخ لأبسط حقوقنا كمواطنين في الأمن والأمان والحماية والسلامة.
وإن كانت أرواح أبنائنا ومعلمينا لا تهم المسؤولين فإنها بالتأكيد تهمنا وهي غالية علينا، ولذلك لن نقبل بعد الآن بأن يتعرضوا للخطر كل يوم، وأن يكونوا تحت القصف في ذهابهم إلى المدارس والعودة منها.
لا تقبلوا بعد الآن رواية “الحياة الطبيعية” فالواقع أثبت أنها كاذبة، إذ فقدنا 6 ضحايا عرب جراء قذائف وشظايا صاروخية، ففي 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قتل الشاب حسن علي سواعد من البعنة والشابة أرجوان عبد الحليم مناع من مجد الكروم جراء سقوط شظايا صاروخية على محل تجاري في مجد الكروم، وفي 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قتل الشاب محمد ياسر قيطان نعيم من ترشيحا إثر سقوط مباشر لقذيفة صاروخية وشظايا بينما كان في طريقه إلى الملجأ للاحتماء، وفي 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قُتلت مينا شفيق حسون وابنها كرمي رجا حسون إثر سقوط شظايا صاروخية في كرم زيتون بالقرب من مدينة شفاعمرو، و في 9 آب/ أغسطس الماضي، توفي الشاب ميخائيل سمارة من كفر ياسيف متأثرا بإصابته بشظايا صاروخ اعتراض إسرائيلي جنوب نهريا.
لا تقبلوا بأن تكون حياة أبنائنا ثمنا لرواية كاذبة عن “الحياة الطبيعة”.. لم تنته الحرب ولم تضع أوزارها، وإطلاق الصواريخ ما زال مستمرا لغاية اليوم.
كل قرار لإعادة الطلاب إلى المدارس بعد اليوم يعني استرخاص حياة أبنائنا، وهي لا تهم من يسعون لتمرير قراراتهم العنصرية، وهم بعيدون عن الخطر، في غرف آمنة وملاجئ محصنة.
آن الأوان أن نرفع صوتنا ضد استمرار الحرب، وأن يفهم الجميع بأن توفير الحماية لأبنائنا مسؤوليتنا وحدنا نحن الأهالي، ونحن فقط من يقرر في تحديد ظروف عودتهم إلى المدارس، ولذلك نرفض كل قرار يعرض حياتهم للخطر.
نعم التعليم عن بعد حل آمن لأبنائنا ومعلمينا.
المصدر: عرب 48