نقل المرضى من الشفاء “مستحيل”… يجب أن يكون المستشفى ملاذا آمنا
الصحة العالمية تفند المزاعم الإسرائيلية، وتؤكد أن نقل المرضى الأكثر ضعفا سيؤدي حتما إلى حالات وفاة، ورفضت الدعوات الإسرائيلية بإجلاء المرضى من مستشفى الشفاء، وتساءلت “لم ستحتاجون لنقلهم أصلا؟ يجب ألا يتعرّض مستشفى للهجوم إطلاقا. المستشفى ملاذ آمن”.
مدخل الطوارئ في مستشفى الشفاء، الليلة الماضية (Getty Images)
أكدت منظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء، أن نقل المرضى الأكثر عرضة للخطر من مستشفى الشفاء في غزة بات “مهمة مستحيلة”، وفندت المزاعم الإسرائيلية بأن “المجتمع الدولي كان بإمكانه تسهيل نقل المرضى، لكنه لم يقم بأي شيء، باستثناء توبيخ إسرائيل وإعطاء حماس بطاقة مرور مجانية”.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في تلغرام
وانتقدت البعثة الإسرائيلية في جنيف، نهاية الأسبوع، منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لرفضها الدعوات الإسرائيلية بإخلاء مستشفى الشفاء، فيما تتعرّض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة في ظل استهداف المستشفيات والأعداد الهائلة في صفوف الضحايا المدنيين لحربها على غزة.
وادعت البعثة الإسرائيلية بأن “المجتمع الدولي كان بإمكانه تسهيل نقل المرضى، لكنه لم يقم بأي شيء، باستثناء توبيخ إسرائيل وإعطاء حماس بطاقة مرور مجانية”، غير أن منظمة الصحة فندت الادعاءات الإسرائيلية وأكدت أن نقل المرضى الأكثر ضعفا سيؤدي حتما إلى حالات وفاة.
وأوضحت الناطقة باسم المنظمة، مارغريت هاريس، أن “السبب الذي دفعنا للقول إنه لا يمكن إجلاء الناس هو قبل كل شيء.. أن الناس في المستشفيات معرّضون للخطر بشكل كبير، إنهم يعانون من المرض الشديد. لذا فإن نقلهم مهمة مستحيلة”.
وأضافت أن ذلك سيكون بمثابة “الطلب من الأطباء والممرضين نقل أشخاص رغم معرفتهم بأن الأمر سيقتلهم”. وتابعت في حديث للصحافيين في جنيف، “ولم ستحتاجون لنقلهم أصلا؟ يجب ألا يتعرّض مستشفى للهجوم إطلاقا. المستشفى ملاذ آمن. إنه أمر متفق عليه بموجب القانون الإنساني الدولي”.
وتحاصر القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي الأكبر في قطاع غزة؛ ويفيد أطباء بأن الآلاف عالقون في ظروف مروعة. كما شددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن “المستشفيات محمية بسبب وظيفتها المتمثلة بإنقاذ حياة المصابين والمرضى”.
وشددت على أنه بينما يمكن للمستشفيات أن تخسر هذه الحماية في ظل ظروف محددة، إلا أن ذلك “ليس رخصة مفتوحة للقتل”. فيما أشارت هاريس إلى نقص في إمكانيات الرعاية الصحية في جنوب غزة إذ أن الجزء الأكبر من الرعاية الصحية، وخصوصا للحالات الأكثر تعقيدا، كان يتم توفيره في الشمال.
وأكدت أن العديد من المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال مرضى جدد. وقالت “إن نقل المرضى من الشمال قد يؤدي إلى مقتلهم.. أين تضعونهم؟”. وتابعت “هناك أسباب واضحة جدا تجعل من ذلك أمرا غير قابل للتطبيق بأي شكل كان”.
وأشادت منظمة الصحة بالعاملين في مستشفى الشفاء لبذلهم “كل ما في وسعهم” لرعاية المرضى على الرغم من محاصرتهم من قبل القوات الإسرائيلية، علما بأن المستشفى توقف عن العمل منذ أيام، إذ لا يتوفر لديه ما يكفي من الكهرباء والماء والمعدات الأساسية.
وقالت هاريس “نعلم أنه لا يوجد ما يكفي من الغذاء، وأن العاملين هناك يعانون للحصول على أي مياه نظيفة لأن خزانات المياه الخاصة بالمستشفى دمرت، لكنهم ما زالوا يبذلون كل ما في وسعهم لتقديم الرعاية الطبية للمرضى”. وأضافت “ما زلنا في الواقع نعتبر الشفاء مستشفى يعمل بسبب الجهود البطولية التي يبذلها العاملون هناك”.
وقالت هاريس إن مستشفى الشفاء يضم الآن 700 مريض وأكثر من 400 من الطواقم الصحية وحوالي 3000 نازح. وأضافت أنه تم الإبلاغ عن وفاة 20 مريضا خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية على الرغم من أن الوضع قد يكون أسوأ بكثير.
وأوضحت أن “الجميع في هذا المستشفى في وضع مأساوي للغاية… علينا، في كل أنحاء العالم، أن نجد طريقة لمساعدتهم. أفضل طريقة هي وقف الأعمال القتالية فورا. التركيز على إنقاذ الأرواح، وليس إزهاق الأرواح”. وقال مصدران بالمستشفى إن العالقين هناك يعتزمون بدء دفن الجثث داخل مجمع المستشفى بسبب الأزمة الصحية الحادة.
وقالت هاريس “بشكل ما، يجري التغافل عن حقيقة أن المستشفى يجب أن يكون ملاذا آمنا، مكانا يلجأ إليه الناس لتلقي العلاج وقت الضيق أو الحاجة”. وأضافت “يبدو أن هناك اتجاها نحو تحويلها إلى أماكن للموت واليأس والخطر، وهو ما لا ينبغي أن يحدث أبدا”.
وتنفي إسرائيل، التي ترفض وقف إطلاق النار بدعوى أنه قد يمكن حماس من إعادة تنظيم صفوفها، محاصرة مستشفى الشفاء. وتقول إن قواتها تسمح بخروج من بداخله. غير أن المسعفون والمسؤولون داخل المستشفى يؤكدون أن هذا غير صحيح وأن من يحاولون المغادرة يتعرضون لإطلاق النار.
وكانت المنظمة قد أوضحت أن أكثر من نصف المستشفيات في قطاع غزّة خارجة عن الخدمة بسبب شحّ الوقود والهجمات الإسرائيليّة والبيئة غير الآمنة. وأوضحت أن 22 مستشفى من أصل 36 في غزّة خرجت عن الخدمة، وأن المتبقّي منها لا تتوفّر فيها المستلزمات الطبّيّة لمواصلة العمليّات الجراحيّة الحرجة وتوفير العناية المركّزة.
وتابعت: “أكثر من نصف مشافي غزّة خرجت عن الخدمة بسبب شحّ الوقود والهجمات والأجواء غير الآمنة”. ولفتت المنظّمة إلى أنّه “من الصعب للغاية إخلاء مستشفى الشفاء في غزّة الّذي يضمّ 700 مريض”. وطالبت بوقف إطلاق نار فوريّ، وتوفير الخدمات الصحّيّة والحماية للمدنيّين، واحترام القانون الإنسانيّ الدوليّ.
المصدر: عرب 48