هدوء حذّر في عين الحلوة ونصر الله يدعو لوقف الاشتباكات
هدوء حذر يخيم على عين الحلوة فيما تدعي كافة الأطراف إصرارها على “وقف تام لإطلاق النار، ومعالجة الخروقات”، وذلك بعد أن تعرّض تفاهمات وقف إطلاق النار، الثلاثاء، لخروقات عدة مع تبادل القذائف الصاروخية والرشقات النارية في أحياء المخيم.
من الاشتباكات في عين الحلوة (أ.ب.)
شهد مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، مساء اليوم، الثلاثاء، حالة من الهدوء الحذر بعد تجدد الاشتباكات بين فصائل إسلامية وقوات الأمن التابعة لحركة “فتح” المندلعة منذ مساء السبت الماضي، تعد الأعنف منذ سنوات في أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وأكثرها كثافة سكانية.
وأفاد مصادر محلية بأن حالة من الهدوء الحذر تسود داخل المخيم بعد ما ارتفعت حدة الاشتباكات بين الفصائل المتقاتلة بعد ظهر اليوم الثلاثاء، إثر تضارب المعلومات وتبادل الاتهامات حول المسؤولية عن خرق الهدنة التي تم التوصل إليها مساء الإثنين.
من ناحية أخرى، ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن تعزيزات كبيرة للجيش اللبناني وصلت مساء الثلاثاء إلى مدينة صيدا جنوبي البلاد. وأشارت إلى أن عشرات الآليات العسكرية شوهدت تعبر باتجاه مدخل صيدا الشمالي.
وأسفرت المواجهات عن مقتل 11 شخصًا، بينهم قيادي في حركة فتح وأربعة من رفاقه قضوا في كمين يوم الأحد. كما أصيب 40 شخصا، وفق حصيلة أعلنتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، أمس الإثنين. ودفعت المواجهات مئات العائلات إلى النزوح خارج المخيم.
من جانبها، أعلنت “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” في بيان، تشكيلها لجنة ميدانية لتثبيت وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة وتكليف لجنة تحقيق في اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي، مؤكدةً رفع الغطاء عن مرتكبي العملية.
وكانت الهيئة قد عقدت اجتماعًا طارئًا بحضور السفير الفلسطيني لدى بيروت، أشرف دبور، في وقت سابق الثلاثاء، في مقر السفارة، لمتابعة الأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة. ووفق بيان صدر عن الاجتماع، أدانت الهيئة “مرتكبي عملية الاغتيال”.
ووضعت الهيئة “هذا الفعل الإجرامي في دائرة الأجندات التي تخدم الاحتلال”. وبحسب مصادر محلية، تجددت الاشتباكات بعد انتهاء اجتماع بين مسؤولين فلسطينيين ولبنانيين في دار الفتوى في مدينة صيدا برئاسة مفتي لبنان، سليم سوسان.
من جانبه، دعا الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله، مساء الثلاثاء، إلى وقف الاشتباكات الدامية التي اندلعت قبل أيام في مخيم عين الحلوة، وقال في خطاب بثه التلفزيون: “لا يجوز لهذا القتال أن يستمر لأن تداعياته سيئة على أهل المخيم، أهلنا الفلسطينيين الأعزاء، على أهل صيدا، على أهل المنطقة، على أهل الجنوب، على كل لبنان”.
وقال نصر الله “كل من يستطيع أن يساهم، أن يضغط، أن يقول كلمة، أن يجري اتصالا، أن يبذل أي جهد لوقف الاقتتال، يجب عليه أن يفعل ذلك دينيا، شرعيا، أخلاقيا، وطنيا، قوميا، بكل الاعتبارات، هذا أمر واجب”، وأضاف أنه “ما يجري في مخيم عين الحلوة مؤلم، ونحن نوجه النداء للجميع في المخيم لوقف الاشتباكات”.
ومساء الإثنين، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، في بيان، أن المواجهات في مخيم عين الحلوة أسفرت عن مقتل 11 شخصًا وجرح 40 آخرين، فيما تضررت مدرستان تابعتان لها، بينما اضطر أكثر من ألفي شخص إلى مغادرة المخيم، هربًا من الاشتباكات.
وبدت الأضرار التي خلّفها القصف واضحة في أرجاء المخيم، خصوصًا في المنازل الواقعة على خطوط تماس بين المجموعات الإسلامية والنقاط العسكرية التابعة لمقاتلي “فتح”. وأفاد شهود عيان بانتشار عشرات المسلحين وقناصة من الطرفين.
وطاول القصف محيط حواجز يقيمها الجيش عند مداخل المخيم، وتشكل ممرًا إجباريًا للعابرين منه وإليه. كما تسببت الاشتباكات كذلك بإقفال إدارات رسمية ومدارس ومؤسسات في صيدا، إحدى كبرى مدن الجنوب اللبناني، خصوصًا بعدما سقطت قذائف عدة فيها.
وفي حي حطين في الطرف الجنوبي للمخيم الذي شهد اشتباكات عنيفة، تحولت سيارات إلى هياكل متفحمة جراء القصف. فيما شهد السوق الشعبي حركة خفيفة، الثلاثاء، لليوم الرابع على التوالي، اقتصرت على قلة من الباعة؛ ولا تدخل القوى الأمنية اللبنانية المخيمات بموجب اتفاق بين منظمة التحرير والسلطات اللبنانية.
وتعرّض وقف إطلاق النار الثلاثاء لخروقات عدة مع تبادل القذائف الصاروخية والرشقات النارية، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان. وأكد القيادي في حركة فتح، اللواء منير المقدح، أن الأفرقاء كافة “مصرون على وقف تام لإطلاق النار، ونعمل على معالجة بعض الخروقات”.
وتابع “هناك ترتيبات تجري لتثبيت وقف جدي لوقف إطلاق النار”، مشيرًا إلى العمل لضمان “ألا تتكرر الحوادث”، لافتًا إلى “قرار جماعي من الفصائل كافة لمحاسبة أي مخلّ أو مرتكب لأي حادث أمني”.
وتتولى قوة أمنية مشتركة مسؤولية ضبط الأمن في المخيمات الفلسطينية ويتم العمل على تعزيز حضورها ودورها في عين الحلوة، بموازاة العمل، وفق المقدح، “على سحب المسلحين من الشوارع، وتشكيل لجنة تحقيق” لتحديد هوية المتورطين ومحاسبتهم.
وأبدى المقدح خشيته من أن يكون “المستهدف الأول هو المخيم وتهجير سكانه”.
المصدر: عرب 48