شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية مكثفة على مناطق في جنوب لبنان، ما أدى إلى نزوح مئات السكان وتسبب بحالة من الهلع. اكتظت المستشفيات بالجرحى فيما تواصل الطواقم الطبية التعامل مع الضحايا تحت القصف.
نزوح جماعي من الجنوب اللبناني (Getty images)
في ساعات الصباح الأولى من اليوم، الإثنين، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية كثيفة على مناطق متعددة في جنوب لبنان، متسببة بحالة من الهلع بين السكان، حيث اضطر المئات إلى النزوح بشكل عاجل مع تلقيهم رسائل تطالبهم بإخلاء منازلهم. مشاهد الهروب الجماعي سادت المنطقة، بينما اكتظت المستشفيات بضحايا الهجمات.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
أسفرت هذه الغارات، التي استهدفت “أكثر من 800 هدف” لحزب الله وفقًا لتصريحات قوات الاحتلال، عن استشهاد ما يزيد عن 274 شخصًا بينهم 21 طفلا، بالإضافة إلى ألف و24 جريحا، وفق آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة. وجاء هذا التصعيد العنيف عقب أشهر من التوتر المتزايد بين حزب الله وإسرائيل على خلفية الحرب على غزة.
وفي مستشفى النجدة الشعبية في مدينة النبطية، يصف الطبيب جمال بدران الوضع بـ”الكارثة والمجزرة”، مشيرًا إلى أن القصف لم يتوقف حتى خلال محاولات الطواقم الطبية إنقاذ الجرحى في بلدة دير الزهراني. وقال بدران، الذي نجا منزله من القصف بصعوبة، “عدت للتو من المستشفى، الوضع هناك مأساوي، شهداء وجرحى بأعداد كبيرة”.
وفي مستشفى تبنين الحكومي، الوضع لم يكن أفضل. وأوضح موظف في المستشفى أن “الجرحى يتدفقون باستمرار، لا يمكننا إحصاء الأعداد بشكل دقيق، الكثير منهم ما زالوا في الشوارع بانتظار المساعدة”.
وأدى اتساع رقعة هجمات الاحتلال إلى هلع واسع النطاق في المناطق المستهدفة وما حولها. وفي مدينة صيدا، أحد مداخل الجنوب، شهدت الطرق الرئيسية ازدحامًا شديدًا مع تدفق النازحين باتجاه بيروت. مئات السيارات والحافلات المكتظة بالأهالي شوهدت وهي تحمل ما استطاعوا من أمتعتهم.
وقال محمد الوليد، وهو نازح سوري هرب مع عائلته المكونة من سبعة أفراد من بلدة الغسانية بعد أن دمرت الغارات منازل في المنطقة: “هربنا مذعورين بعد أن أصابت الغارات عدة منازل قريبة. لا نعلم أين سنذهب، قد ننام على الرصيف، ولكن المهم أن نكون بعيدين عن الخطر”.
وكان الطريق الساحلي باتجاه بيروت مكتظًا بشكل غير مسبوق، حيث وصف الصحافي نذير رضا المشهد بأنه “حالة من الجنون”. وكان رضا عالقًا لساعات بعد محاولته العودة إلى بلدته في الجنوب لإحضار عائلته عقب تصاعد الغارات، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الهلع لم يشهده الجنوب منذ حرب 2006.
واستقبلت مدن جنوبية مثل صور أيضًا مئات النازحين. وأشار بلال قشمر، من وحدة إدارة الكوارث، إلى أن مراكز الإيواء بدأت بالامتلاء سريعًا، فيما اضطر العديد من النازحين إلى البقاء في الشوارع بانتظار مأوى.
وروت عذراء قانصو، وهي معلمة من النبطية، كيف سقطت القذائف قرب مناطق سكنية وأماكن تجمع المدارس، معربة عن ارتياحها لإغلاق المدارس، حيث قالت: “حتى لو لم يصب الطلاب بأذى، كانت حالتهم النفسية ستكون كارثية”.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم في لبنان إغلاق المدارس والجامعات في أنحاء البلاد يوم الثلاثاء، في ظل استمرار الغارات والتهديدات المتصاعدة. وتزامنًا مع الغارات، تلقى سكان بيروت ومناطق أخرى، بينهم جنوب لبنان، اتصالات ورسائل نصية من الاحتلال الإسرائيلي تطالبهم بإخلاء مناطقهم فورًا.
المصدر: عرب 48
