Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

هل تصبح كندا الولاية الأميركيّة رقم 51 في عهد ترامب؟

لا يبدو بأنّ أفكار الضمّ تلقى استحسانًا من جانب الجمهوريّين، إذ حذّر رئيس مجلس الشيوخ السابق ميتش ماكونيل بالإضافة إلى أعضاء آخرين في الحزب الجمهوريّ من العواقب السياسيّة المحتملة لإضافة المزيد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيّين…

عقد الرئيس الأميركيّ المنتخب دونالد ترامب مؤتمرًا صحفيًّا يوم الثلاثاء، وتحدّث عن مجموعة من القضايا بما في ذلك حلف شمال الأطلسيّ والأسرى الإسرائيليّين في غزّة ورغبته في أنّ “تشتري” الولايات المتّحدة جرينلاند، وتسيطر على قناة بنما، وضمّ كندا لتصبح ولاية أميركية.

وتطرّق ترامب في مؤتمره إلى دول أميركا المجاورة، مثل كندا والمكسيك، وفي معرض حديثه عن المكسيك، قال “نحن نساعد المكسيك كثيرًا، ولكنّنا نعاني من عجز كبير معهم. المكسيك في الأساس خاضعة لسيطرة كارتلات المخدّرات، ولا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك، لأنّ المكسيك في ورطة حقيقيّة، ورطة كبيرة، ومكان خطير للغاية”.

واقترح ترامب تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا، وقال “سوف نغيّر اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا. يا له من اسم جميل. إنّه اسم مناسب. ويتعيّن على المكسيك أن تتوقّف عن السماح لملايين البشر بالتدفّق إلى بلادنا”.

ولم تسلم الجارة الشماليّة كندا من تصريحات ترامب المثيرة للجدل في الأسبوع الأخير، إذ قال الرئيس الاميركيّ عن الحدود الأميركيّة الكنديّة “إذا تخلّصت من هذا الخطّ المرسوم بشكل مصطنع، ونظرت إلى شكله، فسوف تجد أنّه سيكون أفضل بكثير للأمن القوميّ الاميركيّ. لا تنس أنّنا نحمي كندا بشكل أساسيّ. ولكنّ المشكلة مع كندا هي أنّ هناك العديد من الأصدقاء هناك، وأنا أحبّ الشعب الكنديّ. إنّهم رائعون، لكنّنا ننفق مئات المليارات سنويًّا لحمايته. نحن ننفق مئات المليارات سنويًّا لرعاية كندا. نحن نخسر في العجز التجاريّ”.

تصريحات متبادلة

بدأت حرب التصريحات الأميركيّة الكنديّة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر توعد ترامب بفرض رسوم جمركيّة على البضائع الكنديّة لحماية الاقتصاد الأميركيّ والحدّ من تهريب المخدّرات من الجارة الشماليّة. حينها قالت مصادر مقرّبة من الإدارة الأميركيّة إنّ محادثات ثنائيّة جرت بين الطرفين حول تلك القضايا.

تعليق رئيس الوزراء الكنديّ على تهديد ترامب بالرسوم الجمركيّة وما قد يعنيه ذلك للمستهلكين الأميركيّين جاء سريعًا، وقال ترودو في مناسبة أقيمت في غرفة تجارة هاليفاكس “انتخب ترامب على أساس التزامه بجعل الحياة أفضل وأكثر تكلفة للأميركيّين، وأعتقد أنّ الناس خلف الحدود الجنوبيّة بدأوا يدركون حقيقة مفادها أنّ الرسوم الجمركيّة على كلّ شيء من كندا من شأنها أن تجعل الحياة أكثر تكلفة بكثير”.

ثمّ، خلال مأدبة عشاء حضرها الرئيس الكنديّ جاستن ترودو في “مار اي لاغو” Mar-a-Lago الخاصّة بالرئيس الأميركيّ دونالد ترامب في ولاية فلوريدا. اقترح ترامب خلال العشاء، الّتي تضمن محادثات حول التعريفات الجمركيّة، على الرئيس الكنديّ ضمّ كندا وجعلها الولاية رقم 51. وبالرغم من أنّ الرئيس الأميركيّ بدا ممازحًا لترودو إلّا أنّ الخبراء يشيرون إلى أنّ التعليق أزاح الستار عن توتّر وتعقيد في العلاقات الثنائيّة بين البلدين بعد فوز ترامب بالانتخابات.

ومضى الأمر بدون ردّ كنديّ رسميّ، ولكنّ ترامب لم يتوقّف عند تلك “المزحة”. فبعد إعلان رئيس الوزراء الكنديّ استقالته من زعامة الحزب ورئاسة الوزراء يوم الاثنين، قال ترامب في منشور على منصّة “تروث سوشيال” Truth Social “يحبّ الكثير من الناس في كندا أن يصبحوا الولاية الأميركيّة رقم 51. لم يعد بإمكان الولايات المتّحدة أن تتحمّل العجز التجاريّ الهائل والإعانات الّتي تحتاجها كندا”. وأضاف “كان جاستن ترودو يعلم ذلك واستقال. إذا اندمجت كندا مع الولايات المتّحدة، فلن تكون هناك تعريفات جمركيّة، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون آمنة تمامًا من تهديد السفن الروسيّة والصينيّة الّتي تحاوطها باستمرار. معًا، يا لها من أمّة عظيمة”.

وفي منشور آخر لم يخل من السخرية قال ترامب على منصّة تروّث سوشيال “لقد كان من دواعي سروري تناول العشاء قبل فترة مع حاكم ولاية كندا العظيمة جاستن ترودو، وأتطلّع إلى مقابلة الحاكم مرّة أخرى قريبًا، حتّى نتمكّن من مواصلة محادثاتنا المتعمّقة بشأن التعريفات الجمركيّة والتجارة، والّتي ستكون نتائجها مذهلة حقًّا للجميع!”

الردّ الكنديّ

لاحقًا، وفي اليوم نفسه، رفض رئيس الوزراء الكنديّ جاستن ترودو تصريحات الرئيس الأميركيّ المنتخب دونالد ترامب بأنّه قد يستخدم “القوّة الاقتصاديّة” لجعل كندا الولاية رقم 51 في الولايات المتّحدة. وقال ترودو في منشور على موقع “اكس” X “لا توجد فرصة لأن تصبح كندا جزءًا من الولايات المتّحدة”. وأضاف “العمّال والمجتمعات في كلا بلدينا يستفيدون من كون كلّ منهما أكبر شريك تجاريّ وأمنيّ للآخر”.

من جهتها، قالت وزيرة الخارجيّة الكنديّة ميلاني جولي إنّ تعليقات ترامب “تظهر افتقارًا تامًّا لفهم ما يجعل كندا دولة قويّة. لن نتراجع أبدًا في مواجهة التهديدات”.

ورفض سياسيّون كنديّون آخرون، ومن بينهم زعيم حزب المحافظين بيير بواليفير، دعوات ترامب إلى ضمّ كندا إلى الولايات المتّحدة. وقال بواليفير في مقابلة مع قناة “سي تي في” CTV “رسالتي إلى الرئيس ترامب هي أنّ كندا لن تكون الولاية رقم 51 في الولايات المتّحدة في المقام الأوّل والأخير”.

بشكل عامّ، تشير الاستطلاعات الّتي أجراها “مركز بيو للأبحاث” Pew Research Center أنّ الكنديّين كان لديهم آراء إيجابيّة حول الولايات المتّحدة على مدار ربع القرن الماضي، لكنّ تلك الآراء الإيجابيّة انخفضت بعد استلام ترامب زمام السلطة حيث انخفضت إلى 35٪ مؤيّدة في عام 2020 قبل أن تنتعش بعد انتخاب بايدن. وتؤكّد استطلاعات الرأي الّتي أجراها معهد إنفايرونيكس ذات الاتّجاه.

وفي الوقت نفسه، ظهرت مجموعة من الساسة والأحزاب الكنديّة الّتي تدعم الضمّ من قبل الولايات المتّحدة على مرّ السنين، لكنّ هذه الحركات “تبخّرت” بسرعة دون اكتساب أيّ دعم ملموس من الشارع الكنديّ. وأشارت أليسون هاينز، الكاتبة في جريدة “مونتريال جازيت” Montreal Gazette في عام 2018 في مقالها عن مساعي الضمّ الخياليّة، أنّ أماكن مثل ولاية كيبيك الكنديّة “ستكون مناسبة بشكل غريب للغاية باعتبارها الولاية رقم 51”.

ولا يبدو بأنّ أفكار الضمّ تلقى استحسانًا من جانب الجمهوريّين، إذ حذّر رئيس مجلس الشيوخ السابق ميتش ماكونيل بالإضافة إلى أعضاء آخرين في الحزب الجمهوريّ من العواقب السياسيّة المحتملة لإضافة المزيد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيّين، إذ يعدّ ضمّ كندا كارثة على الحزب الجمهوريّ؛ بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد الأعضاء والأصوات الديمقراطيّة “الكنديّة” في السياسة الأميركيّة.

ليست المرّة الأولى

التهديدات الأميركيّة لضمّ الجارة الكنديّة لتصبح الولاية رقم 51 ليست الأولى. تاريخيًّا، كانت أفكار ضمّ كندا إلى الولايات المتّحدة حاضرة في أروقة السياسة الأميركيّة. وكان الكثير من الساسة يقفون خلف فكرة أنّ الكنديّين أنفسهم كانوا يطالبون بالضمّ الى الولايات المتّحدة.

وفي حرب عام 1812، أخبر الرئيس توماس جيفرسون محرّر صحيفة فيلادلفيا توماس دون أنّ “الاستحواذ على كندا هذا العام، حتّى حدود كيبيك، لن يكون أكثر من مجرّد مسألة زحف”، أي أنّ الأمر لن يكلّف الأميركيّين أيّ خسائر بشريّة، ويكفي أن ينطلق الجيش الأميركيّ بجبروته نحو الحدود الكنديّة لينهي الأمر. وتشير إدارة المتنزّهات الوطنيّة الأميركيّة في مقال عن تعليق جيفرسون إلى أنّ الكثيرين في الولايات المتّحدة افترضوا بشكل خاطئ “أنّ الكنديّين سوف يرحّبون بوصول القوّات الأميركيّة”. في نهاية الأمر لم يحدث أيّ شيء، لم يزحف الجيش الاميركيّ، ولم يتمّ ضمّ أيّ ولاية كنديّة إلى الولايات المتّحدة.

تطوّر الأمر بشكل أكبر في وقت لاحق من القرن التاسع عشر حسب المؤرّخ جون دبليو كويست، وظهرت على السطح مشاعر وأفكار مؤيّدة للضمّ داخل كلّ الأحزاب السياسيّة الرئيسيّة في الولايات المتّحدة، توحّدها فكرة متّفق عليها تفيد بأنّ ضمّ كندا “سيتمّ بسلام، وسيرحّب به الكنديّون”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *