Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

2024 عام حرب إبادة بحذافيرها

مع انتهاء عام ميلادي آخر استمرّت فيه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، رأى الكاتب الإسرائيلي ب. ميخائيل أن يذكّر الإسرائيليين، في آخر يوم منه، بأن هذه الحرب تنطوي على جميع العناصر التي تجعلها بمثابة حرب إبادة جماعية. وبحسب ما يؤكّد، فإن إسرائيل منشغلة حتى أذنيها ليس بإبادة جماعية واحدة، بل بثلاث إبادات كهذه، في مقدّمها إبادة الشعب العربي الفلسطيني، التي لم تبدأ في يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بل في 14 أيّار/ مايو 1948، عشية النكبة الفلسطينية في ذلك العام، وربّما قبل ذلك اليوم أيضاً. وكان مستهلها إنكار وجود شعب فلسطيني كما عكسته مقولة الصهيونية بشأن هجرة يهود الدياسبورا إلى فلسطين: “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، واستمرّت في تهجيره الجماعي، وتدمير قراه وبلداته، وسرقة أراضيه، والاستيطان الإجرامي فيها، وفي سلبه إنسانيته وحقوقه.

تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”

حرفيا كتب ب. ميخائيل (“هآرتس”، 31/1/2024): “عمليا يمكن القول إنه منذ أول أيامها تشنّ إسرائيل حربا واحدةً طويلةً ومتتابعةً وجينوسايديةً بحذافيرها؛ وتهدف إلى سلب الشعب الفلسطيني حقّه في تقرير المصير وإلى نهب أراضيه. ومن أجل أن يزعم المرء منّا، بشكل جادّ، أن ما يحدث في غزّة والضفة الغربية ليس جينوسايد، ينبغي به أن يكون جاهلا ويغطّ في غيبوبة عميقة، أو أن يكون أحد أبواق الدعاية الإسرائيلية”.

أمّا الإبادتان الثانية والثالثة فهما، برأي هذا الكاتب، إبادة القيم الإنسانية، وإبادة الالتزامات التي تعهّدت بها إسرائيل عند قيامها في الظاهر. وهما إبادتان تأتّى منهما المزيد من تحويل الدولة مسخا. تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الكاتب (اسمه الكامل ميخائيل بريزون. وهو من مواليد 1947 ومن أبرز الكُتّاب الساخرين في إسرائيل) نشر قبل 20 عاما، وفي مناسبة الذكرى السنوية الـ56 لإقامة إسرائيل، مقالةً تنبّأ فيها بقرب خراب الدولة نتيجة سيطرتها الآخذة بالتأبيد على مناطق الضفة الغربية وقطاع غزّة. كما سبق له أن وصف المستوطنين في الأراضي المحتلة منذ 1967 في كتاباته الساخرة بأنهم أكلة لحوم الفلسطينيين.

ومع أن اجتهاد هذا الكاتب في تسمية الأشياء بمسمّياتها ما زال من نصيب قلائل من النخب المثقّفة في إسرائيل، إلّا أنه اجتهاد مهمّ على مستوى الجدل الداخلي، وأكثر فأكثر على صعيد الرسائل الموجّهة إلى العالم. وتكمن فيه قيمة إضافية في تأكيد عدم غياب البدائل لطروحات أخرى تركّز على أن ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزّة هو جرائم تطهير عرقي، يحصرها غالبا في شمال القطاع، وأن هذه الجرائم (مثلما سبق لكاتب هذه السطور أن أشار قبل أسبوعين) هي نهج أحزاب اليمين المتطرّف في الحكومة الإسرائيلية الحالية، وليس نهج الجيش الإسرائيلي، أو سائر ألوان الطيف السياسي الحزبي. ولكن الأهمّ أن هذه الطروحات تخفي وراءها رغبةً في التأكيد أن ما يحدث في غزّة ليس إبادةً جماعيّة.

ولا يُعتبَر ب. ميخائيل الوحيد الذي يجاهر بأن 2024 كان عام حرب إبادة جماعية بحذافيرها. ويتعيّن أن نضيف كذلك، على سبيل المثال طبعا، أنه في مطلع كانون الأول/ ديسمبر نشر المؤرخ البروفيسور عاموس غولدبيرغ، الباحث في الهولوكوست من الجامعة العبرية في القدس، وهو أكاديمي يحظى باحترام كبير، مقطع فيديو يحمل جزما لا لبس فيه، وهو أن ما يحدث في قطاع غزّة إبادة جماعية. وأكّد في الوقت عينه أن الإبادة الجماعية تحدث، حتى لو لم تطاول الجماعة العرقية المُستهدَفة كلّها. وأكّد مؤرخٌ إسرائيليٌّ آخر، هو البروفيسور دانييل بيلتمان، الباحث في الهولوكوست، أن إسرائيل ترتكب جريمة حرب فظيعة في قطاع غزّة، تتراوح بين التطهير العرقي القاتل والإبادة الجماعية، معتبرا أن الدعوة إلى مراقبة ما يحدث في غزّة والمطالبة بوقفه لم تعودا حكرا على المنظّمات الدولية أو الباحثين في الخارج وحدهم، بل وصل الأمر إلى باحثين إسرائيليين.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *