29 أسيرة فلسطينيّة في سجون الاحتلال
معاناة الأسيرات تتضاعف سواء في داخل السجن، أو في التحقيق، ومراكز التوقيف، أو أثناء الاعتقال، وتتعرض النساء الفلسطينيات منذ لحظة الاعتقال لشتى أنواع التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية.
تعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيليّ، 29 أسيرة فلسطينية في سجن “الدامون”، وتتضاعف معاناتهنّ بسبب الإهمال الطبي والظروف القاسية التي يواجهنها.
وأوضحت مؤسسة “الضمير” لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، في بيان صحافي، صدر اليوم الإثنين، بمناسبة يوم المرأة العالمي، الذي يصادف الثامن من آذار/ مارس، أن من بينهن 13 أسيرة صدرت بحقهن أحكام متفاوتة، أعلاها بحق الأسيرتين شروق دويات، وشاتيلا أبو عياد (16 عاما). و7 أسيرات جريحات، و15 أسيرة مريضة بأمراض مختلفة، و6 أسيرات أمهات، إضافة إلى معتقلة إدارية واحدة، وطفلتين قاصرتين، وما تزالت 15 معتقلة موقوفة للمحاكمة في محاكم الاحتلال.
وأشارت “الضمير” إلى أن معاناة الأسيرات تتضاعف سواء في داخل السجن، أو في التحقيق، ومراكز التوقيف، أو أثناء الاعتقال، فخلال هذا العام، استشهدت الأسيرة المسنة سعدية فرج الله في سجن “الدامون”، نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرضت له أثناء فترة اعتقالها.
ونوهت إلى أن النساء الفلسطينيات يتعرضن منذ لحظة الاعتقال لشتى أنواع التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، حيث يتم اعتقالهن في كثير من الأحيان بعد إطلاق النار عليهن، أو على الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش والمعسكرات، أو أثناء زيارة أبناءهن في السجون، وأحيانا من منازلهن، بعد اقتحامها في ساعات الفجر وترويع عائلاتهن. كما تتعرض المعتقلات الفلسطينيات للتحقيق في مراكز التحقيق المختلفة، وينقلن إلى ما يسمى بـ “معبار هشارون”، حيث يقبعن موقوفات في ظروف صعبة لا تصلح للعيش الآدمي.
ونشرت مؤسسة “الضمير” أحوال الأسيرات في الأسر، على النحو التالي:
التعذيب وسوء المعاملة
تتعرض الأسيرات كباقي الأسرى للتعذيب، وسوء المعاملة، أثناء التحقيق في مراكز التحقيق الإسرائيلية، حيث تمارس سلطات الاحتلال التعذيب وإساءة المعاملة بهدف نزع الاعترافات من المعتقلات الفلسطينيات، ولاحقا إدانتهن في محاكم تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة.
كما تتعرض المعتقلات للتعذيب النفسي والابتزاز والتهديد، تحديدا المعتقلات الأمهات اللواتي يتم ابتزازهن بأطفالهن.
حالة الأسيرة “ي”
قامت قوة من جيش الاحتلال باقتحام منزل الأسيرة “ي” في شهر آذار/ مارس من العام 2022، حيث قاموا بكسر البوابة الخارجية للمنزل واقتحامه، ووضع زوجها وأطفالها في غرفة لوحدهم. كما قاموا بتفتيش وتخريب غرفة النوم. جرى نقلها للجيب العسكري وقاموا بتقييد يديها للأمام، وعصب عينيها، ونُقلت إلى مركز تحقيق الجلمة.
بعد وصولها إلى مركز التحقيق، جرى إعطاؤها ملابس غير مناسبة لمعتقداتها، وادعوا أن هذا شرط لبداية التحقيق، ومُنعت منذ اعتقالها من لقاء محاميها، واستمر المنع لمدة 13 يوما، مما فاقم معاناتها أثناء التحقيق.
استمر التحقيق معها لمدة 34 يوما، تعرضت خلالها للتهديد باعتقال زوجها وأخوتها، كما تعرضت لتحقيق متواصل لمدة يومين، كانت تُنقل للزنزانة خلالها لـ10 دقائق فقط للأكل، ويعيدونها لاستكمال التحقيق. وفي أثناء جلسات التحقيق الطويلة، كانت المعتقلة مقيدة اليدين للوراء.
أخضع المحققون المعتقلة لجهاز كشف الكذب على مدار 3 أيام ولساعات طويلة، وفي إحدى المرات رفضت ذلك، فتم تهديدها بأنها ستبقى في التحقيق لمدة طويلة.
حالة الطفلة “ر”
اعتُقلت الطفلة “ر” عن حاجز عسكري في بداية العام 2023، حيث أراد جندي تفتيش حقيبتها، إلا أنها رفضت، فهجم عليها عدد كبير من الجنود والمجندات وقاموا بضربها ركلا وباليدين، وأسقطوها أرضاً واستمروا بضربها، ثم قاموا بتقييد يديها بقيود حديدية، ونقلوها لغرفة قريبة من الحاجز، وهناك قامت المجندات بصفعها على وجهها، وضرب رأسها بالحائط، وتصويرها بواسطة هواتفهن النقالة، والاستهزاء بها، والضحك عليها، وهي كانت تنزف دماً من أنفها وفمها، وأزالوا حجابها أثناء التصوير.
بعد عدة ساعات، جرى نقل الطفلة إلى طبيب لم يكن يتكلم اللغة العربية ولم يكن هناك مترجم، وذلك في مكان مجهول لا تعرفه، وأجرى لها فحص الضغط، ولم يسألها أي شيء عن وضعها الصحي، ولم يهتم بوجود إصابات وجروح في وجهها، ولم يفحص آثار الضرب في جسدها.
ونُقلت للتحقيق، وتعرضت للتفتيش الدقيق من قبل الجنود، ولم تتواجد أي مجندة أثناء التحقيق، كما هو ملزم، كما تعرضت للصراخ والتهديد بهدم منزلها، وباعتقال أفراد عائلاتها.
بعد انتهاء التحقيق، نُقلت إلى سجن “الشارون” حيث قبعت لمدة 5 أيام في ظروفٍ صعبة، قبل أن تُنقل لسجن “الدامون”، وفي “الشارون” لم يكن هناك أي مجندات، وبالتالي رفضت أن تطلب الاستحمام، كما كان يتم إحضار وجبة واحدة لها فقط في ساعات بعد الظهر.
الإهمال الطبي بحق الأسيرات
وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة الإهمال الطبي بحق الأسيرات الفلسطينيات اللواتي تعاني معظمهن من إصابات جسدية، أو من أمراض جسدية ونفسية، حيث تُنقل الأسيرات الجريحات إلى سجن “الدامون”، قبل تعافيهن الكامل من الإصابة، وتبدأ رحلة المعاناة ما بين السجن والمشافي، وذلك بعد مماطلة من إدارة مصلحة السجون.
وإضافة إلى المماطلة والتنصل من تقديم العلاج للأسيرات الجريحات والمريضات، فإن إدارة السجن تقوم بعزل الأسيرات اللواتي يعانين من ضغوطات نفسية في غرف لوحدهن، مما يفاقم من الحالة النفسية والصحية للأسيرات. كما تماطل الإدارة في إدخال الأطباء النفسيين لمعاينة الأسيرات وتقديم العلاج والإرشاد اللازم لهن، وتستبدل ذلك بإعطائهن أدوية، وعزلهن في الغرف.
استشهاد الأسيرة سعدية فرج الله
في صباح يوم السبت 2/7/2022، استشهدت الأسيرة الفلسطينية سعدية فرج الله في سجن الدامون نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرضت له، حيث بدأت قبل أسابيع من استشهادها تعاني من التعب والهزال العام، ولا تستطيع المشي لوحدها، مع العلم أنها كانت تعاني من الضغط والسكري، وتم نقلها إلى المستشفى بعد ضغط من الأسيرات، وادعت إدارة السجن أن سعدية لا تشكو من شيء بحسب الفحوصات، وأنها “تُمثّل” حتى تخرج من السجن.
وفي آخر جلسة محاكمة، طالبت الأسيرات بأن تكون جلسة سعدية بواسطة تقنية “الفيديو كونفرنس”، لأنها لا تقوى على الذهاب للمحكمة في رحلة معاناة طويلة في البوسطة، إلا أنه تم رفض الطلب، وتم نقلها إلى المحكمة بواسطة كرسي متحرك.
واحتجاجا على استشهاد سعدية، قامت الأسيرات بإغلاق القسم في أول يوم. وفي اليوم الثاني قاموا بإعادة 3 وجبات طعام. يذكر أن عددا من الأسيرات عانت من صدمة نفسية بعد استشهاد سعدية أمامهن، وبالطبع لم تتلقَ أي منهن أي شكل من أشكال الدعم النفسي، بعد خسارة رفيقة الأسر.
قمع الأسيرات وفرض العقوبات بحقهن
افتتحت الأسيرات الفلسطينيات العام الجديد بعملية قمع ارتُكبت بحقهن في سجن الدامون. حيث اقتحمت وحدة من “اليماز” قسم الأسيرات وقاموا بتفتيش 3 غرف، وقاموا أيضاً بفحص أرضيات كل الغرف، بادعاء أن الإدارة وجدت ورقة داخل القسم تحمل مضمون التهديد.
وقامت إدارة مصلحة السجون مباشرة بإخراج الأسيرة ياسمين شعبان إلى العزل، وبدأت الأسيرات بالطرق على الأبواب والتكبير، لتقوم الإدارة باقتحام عدد من الغرف ونقل الأسيرتين تحرير أبو سرية وأسيل الطيطي إلى العزل أيضا، إضافة إلى عزل الأسيرات شروق البدن، وشروق دويات، وولاء طنجة، بعد الاعتداء عليهن وضربهن.
وأفادت الأسيرات بأنه جرى استخدام أجهزة كهرباء صاعقة. كما تم إيقاف الـ6 أسيرات اللواتي سيتم عزلهن لاحقا في زاوية في القسم، وقاموا بتقييد أيديهن للوراء.
وتم نقل الأسيرة ياسمين شعبان إلى العزل في سجن الرملة، وقاموا بتوزيع الأسيرات على غرف مختلفة. أفرج عن شروق البدن من العزل بعد انتهاء أمر اعتقالها الإداري، أما الأسيرتان شروق دويات وولاء طنجة، فقد تم عزلهن لمدة 5 أيام، والأسيرتان أسيل وتحرير لمدة 7 أيام. كما أعلنت 3 أسيرات معزولات إضرابهن عن الطعام لبضع أيام، وبناء على كل هذه الأحداث تم إجراء محاكمة تأديبية للقسم، وتقرر عزل الأسيرات 5 أيام داخل القسم، وتخفيض عدد القنوات على التلفاز، وإطفاء الكهرباء عن القسم في ساعة محددة، والمنع من استخدام الهواتف لمدة شهر، إلا أنها ألغيت. كما تم فرض عقوبة المنع من زيارة العائلات لمدة شهر.
وأكدت “الضمير” أنها رصدت “على مدار 30 عاما استمرار سلطات الاحتلال بانتهاكاتها لحقوق الأسيرات الفلسطينيات، على الرغم من توقيع دولة الاحتلال على الاتفاقيات الدولية التي تحظر التعذيب وسوء المعاملة والتمييز ضد المرأة. حيث تستمر في سياسة الاعتقال التعسفي للنساء الفلسطينيات، وتخضعهن للتعذيب وسوء المعاملة، ويتعرضن لسياسة الإهمال الطبي الممنهجة، إضافة إلى محاكمتهن أمام محاكم عسكرية لا يتمتعن فيها بحقهن في محاكمة عادلة”.
وطالبت “الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بالعمل الفوري على وقف الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال من اعتقال تعسفي، وتعذيب، وسوء معاملة بحق الأسيرات الفلسطينيات، وضمان التزام دولة الاحتلال بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان تحديدا اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”.
المصدر: عرب 48