مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحتفي باللغة العربية في يومها العالمي

في مشهد ثقافي يزداد إشراقًا، احتفت المملكة العربية السعودية باليوم العالمي للغة العربية، الموافق الثامن عشر من ديسمبر، من خلال سلسلة من الفعاليات والبرامج التي أطلقتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض. هذه المبادرات ليست مجرد احتفال بجماليات اللغة العربية، بل هي خطوات راسخة نحو تعزيز مكانتها ودعم تطورها في مختلف المجالات، سواء المعرفية أو الرقمية.
احتفاء مكتبة الملك عبدالعزيز باللغة العربية: رؤية نحو المستقبل
أطلقت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، صرحًا ثقافيًا عريقًا، برنامجا حافلا بالأنشطة تزامنًا مع اليوم العالمي للغة العربية، بهدف تسليط الضوء على أهمية لغتنا الأم في عالمنا المتغير. تجسد هذه الجهود التزام المملكة الحفاظ على تراثها الثقافي وتعزيز هويتها المميزة.
لقاء ثقافي: مستقبل اللغة العربية في الفضاءات المعرفية
في مساء الثلاثاء الموافق 16 ديسمبر، استضافت المكتبة لقاءً ثقافيًا مميزًا بعنوان: “مستقبل اللغة العربية في الفضاءات المعرفية: صناعة الابتكار اللغوي”. أقيم هذا اللقاء بالتعاون مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وحظي بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين في مجال اللغة والأدب.
شارك في هذا الحوار البناء كل من الدكتور علي بن محمد العمري، والدكتورة نورة بنت إبراهيم الخلف، والدكتورة رائدة بنت حسن المالكي، فيما أدار النقاش المهندس طارق بامسق بمهارة واقتدار. تطرق المشاركون إلى عدة محاور رئيسية، من بينها السياسات اللغوية الحديثة التي تساهم في تعزيز مكانة اللغة العربية، وأهمية التعليم اللغوي في مواكبة التطور الرقمي، ودور المجامع اللغوية في تطوير اللغة لتصبح قادرة على التفاعل مع متطلبات العصر. كما ناقشوا التحديات والفرص التي تواجه اللغة العربية في الفضاء الرقمي، سعيًا لإيجاد حلول مبتكرة تضمن استمراريتها وتألقها في هذا الفضاء الواسع.
معرض “نبض الحروف”: جماليات الخط العربي والفن التشكيلي
وصلة الوصل بين الماضي والحاضر، تجسدت في معرض “نبض الحروف” الذي افتتحته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مساء الخميس 18 ديسمبر. هذا المعرض، الذي يقام بالتعاون مع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، يمثل نافذة مشرعة على جماليات الخط العربي والفن التشكيلي.
شهد الافتتاح حضورًا لافتًا من ضيوف الشرف، على رأسهم الخطاطان المرموقان ناصر الميمون ومحمد العجلان، والفنان التشكيلي ناصر الموسى. يضم المعرض مجموعة متنوعة من اللوحات التي تبرز براعة الخط العربي، وتعرض أنواعه وأشكاله الفنية المتعددة. بالإضافة إلى ذلك، يعرض المعرض لوحات حرفية تشكيلية فريدة من نوعها، حيث تحولت الحروف العربية إلى أيقونات فنية ذات دلالات عميقة، رسمت بإتقان وجمال يلفت الأنظار. يستمر المعرض حتى مساء السبت 20 ديسمبر، دعوة مفتوحة لجميع محبي الفن واللغة للاستمتاع بكنوز هذا المعرض.
تعزيز مكانة اللغة في قلوب الأطفال
لم تغفل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أهمية غرس حب اللغة العربية في نفوس الأجيال القادمة. إدراكًا منها للدور المحوري الذي يلعبه الطفولة في بناء الهوية الثقافية، قام قطاع الطفولة بالمكتبة بتنظيم فعاليات خاصة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.
نادي كتاب الطفل، التابع لقطاع الطفولة، قدم إهداءً خاصًا لمشتركيه، عبارة عن باقات متنوعة ومخفضة من الكتب المناسبة لمختلف الأعمار (من 2 إلى 15 عامًا). تضمنت هذه الباقات إصدارات مميزة في مجالات الاكتشاف، والخيال، والريادة، والابتكار، بهدف تشجيع القراءة وتعزيز العلاقة بين الطفل والكتاب. يمكن للراغبين في الاستفادة من هذه الباقات زيارة الرابط: http://bookclub.kapl.org.sa.
وبالإضافة إلى ذلك، استضافت حافلات مصادر التعلم المتنقلة مساء الخميس 18 ديسمبر أطفال جمعية (إنسان) في حديقة الواحة بالرياض، في مبادرة تهدف إلى نشر ثقافة القراءة والمعرفة بين أفراد المجتمع. هذه الفعاليات تعكس اهتمام المكتبة بتوسيع نطاق خدماتها لتشمل جميع الفئات العمرية، وتقديم محتوى ثقافي وترفيهي متميز.
دور المجامع اللغوية في تطوير اللغة
إن تطوير اللغة العربية ليس مهمة سهلة، بل يتطلب تضافر جهود جميع المعنيين، وعلى رأسهم المجامع اللغوية. تلعب هذه المجامع دورًا حيويًا في الحفاظ على سلامة اللغة، وتطويرها لتواكب التطورات العلمية والتقنية. يجب على المجامع اللغوية أن تتبنى سياسات لغوية مرنة، تسمح بإدخال مصطلحات جديدة، وتحديث القواعد اللغوية، دون المساس بأسس اللغة وقواعدها الأصلية. كما يجب عليها أن تعزز التعاون مع المؤسسات التعليمية والإعلامية، لنشر الوعي بأهمية اللغة العربية، وتشجيع استخدامها في جميع المجالات. ويهدف هذا إلى بناء جيل واعٍ بأهمية لغته، وقادر على استخدامها بفاعلية في الحياة اليومية.
في الختام، فإن احتفالات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة باليوم العالمي للغة العربية ليست مجرد فعاليات عابرة، بل هي تجسيد لرؤية طموحة تهدف إلى تعزيز مكانة اللغة العربية على المستويين المحلي والدولي. ندعو الجميع إلى المشاركة في هذه الاحتفالات، والاستفادة من الفرص التي توفرها المكتبة، لتعزيز حبنا للغة العربية، والحفاظ على تراثنا الثقافي الأصيل. دعونا نجعل من لغة الضاد فخرًا لنا دائمًا.

