«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

أقدمت جماعة أنصار الله الحوثية على اتخاذ إجراءات وصفت بالاستيلاء على ممتلكات وأصول تعود لأسرة عبدالسلام القاعدي، أمين عام جناح حزب “المؤتمر الشعبي” العام في مناطق سيطرتها باليمن. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية بين الجماعة والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وتعتبر هذه الإجراءات تصعيداً في حملة استهداف واسعة النطاق تطال خصومها السياسيين، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن. وتتركز عمليات الاستيلاء على الأراضي والعقارات والموارد التجارية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية القائمة.
بدأت هذه الإجراءات في وقت مبكر من شهر مايو الجاري، وتوسعت لتشمل أصولاً متنوعة مملوكة لأفراد من عائلة القاعدي، بحسب مصادر محلية. وقد تم تعيين ما تصفه الجماعة بـ “الحارس القضائي” للإشراف على عملية الاستيلاء، وهو ما يعتبره مراقبون محاولة لتبرير هذه الإجراءات قانونياً. وتأتي هذه الخطوة بعد فترة من الخلافات المتصاعدة بين الحوثيين وجناح المؤتمر الشعبي العام الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والذي شهد انقلاباً على الجماعة في عام 2017.
استهداف ممتلكات قيادات المؤتمر الشعبي العام
تعتبر هذه الإجراءات جزءاً من نمط أوسع لاستهداف ممتلكات وأصول قيادات وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في اليمن عام 2014. وتشير التقارير إلى أن الجماعة تسعى إلى تصفية نفوذ الحزب وتقويض قدرته على المعارضة.
الأسباب المعلنة وراء الاستيلاء
تذرع الحوثيون بوجود اتهامات تتعلق بـ”تمويل الحرب” و”دعم الأعداء” كأسباب لتبرير الاستيلاء على ممتلكات عائلة القاعدي. لكن المراقبين يرون أن هذه الاتهامات غير محددة وتفتقر إلى الأدلة القاطعة، وأنها مجرد ذريعة لتصفية حسابات سياسية.
آلية الاستيلاء ودور “الحارس القضائي”
تعتمد الجماعة الحوثية على تشكيل لجان قضائية موالية لها لإصدار أحكام بالاستيلاء على الممتلكات. ويقوم “الحارس القضائي” المعين من قبل هذه اللجان بتنفيذ هذه الأحكام، وإدارة الممتلكات المستولى عليها. ويثير هذا الإجراء تساؤلات حول استقلالية القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين، والالتزام بسيادة القانون.
وتشير مصادر إلى أن عملية الاستيلاء تتم بشكل تعسفي، دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة، أو حقوق الملكية. وقد أدى ذلك إلى احتجاجات محدودة من قبل المتضررين، لكنها قوبلت بقمع من قبل الجماعة الحوثية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى خبراء اقتصاديون أن هذه الإجراءات تؤثر سلباً على الاقتصاد اليمني، وتزيد من حالة عدم اليقين والاستثمار. كما أنها تساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث تفقد الأسر المتضررة مصادر رزقها وممتلكاتها.
وقد أدانت الحكومة اليمنية بشدة هذه الإجراءات، واعتبرتها “انتهاكاً صارخاً للقانون” و”تعدياً على حقوق الملكية”. وطالبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات، وحماية ممتلكات المواطنين.
في سياق متصل، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بياناً في وقت سابق من هذا الشهر، أعربت فيه عن قلقها بشأن استهداف الحوثيين للممتلكات الخاصة، ودعتهم إلى احترام حقوق الملكية. كما حذرت من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى فرض عقوبات إضافية على الجماعة.
الوضع الاقتصادي في اليمن يشهد تدهوراً مستمراً بسبب الحرب والنزاعات السياسية. أصول المؤتمر الشعبي كانت تعتبر من بين الأصول الهامة في البلاد. الاستيلاء على الممتلكات يمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، يرى بعض المحللين أن هذه الإجراءات تهدف إلى الضغط على جناح المؤتمر الشعبي العام، وإجباره على تقديم تنازلات سياسية. بينما يرى آخرون أنها محاولة لتعزيز سيطرة الحوثيين على الاقتصاد اليمني، وتوفير مصادر تمويل إضافية لأنشطتهم.
في المقابل، لم يصدر أي تعليق رسمي من جانب الجماعة الحوثية على هذه الاتهامات، باستثناء بيانات مقتضبة تبرر الإجراءات بأنها تهدف إلى “حماية المال العام” و”مكافحة الفساد”.
الوضع السياسي في اليمن لا يزال معقداً وغير مستقر. الحكومة اليمنية تسعى إلى استعادة السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.
من المتوقع أن تستمر هذه الإجراءات في الفترة القادمة، خاصةً مع استمرار الخلافات السياسية والاقتصادية بين الحوثيين والحكومة اليمنية. ويراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات في اليمن، ويخشى من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى مزيد من التصعيد والعنف. من المرجح أن تصدر الأمم المتحدة تقريراً مفصلاً حول هذه الانتهاكات في غضون الأسابيع القليلة القادمة، وقد يتبعه اتخاذ إجراءات دولية للضغط على الجماعة الحوثية لوقف هذه الممارسات. يبقى مستقبل الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن رهنًا بالتوصل إلى حل سياسي شامل يضمن حقوق جميع الأطراف.

