بتكوين تتجه لأول انفصال سنوي عن الأسهم خلال عقد

شهد عام 2025 تحولاً ملحوظاً في أداء الأصول الاستثمارية، حيث ارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بأكثر من 16% بينما تراجعت قيمة بتكوين بنسبة 3%، وهو انعكاس غير مألوف للعلاقة التاريخية بين الأسهم والعملات الرقمية. هذه هي المرة الأولى منذ عام 2014 التي تشهد فيها الأسهم صعوداً بينما تنخفض قيمة العملة الرقمية الرائدة، وفقاً لتحليلات بلومبرغ. هذا التباين يثير تساؤلات حول مستقبل بتكوين ودورها في محافظ الاستثمار المتنوعة.
لطالما اعتُبرت بتكوين ملاذاً آمناً للمستثمرين خلال فترات التقلبات الاقتصادية، وغالباً ما تحركت جنباً إلى جنب مع الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم. ومع ذلك، يشير هذا الانفصال الحالي إلى تغير في ديناميكيات السوق، خاصةً مع عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة الأمريكية وتوقعات بتنظيمات قد تؤثر على قطاع العملات المشفرة. هذا التحول يضع المستثمرين أمام تحدي إعادة تقييم استراتيجياتهم الاستثمارية.
سعر بتكوين وتأثيره على السوق
بلغ سعر بتكوين ذروته في وقت سابق من هذا العام، متجاوزاً 125 ألف دولار، لكنه شهد منذ ذلك الحين انخفاضاً حاداً استمر لمدة شهرين. أدت عمليات التصفية القسرية بقيمة مليارات الدولارات وتراجع اهتمام المستثمرين الأفراد إلى هذا الهبوط. هبط سعر بتكوين لفترة وجيزة إلى حوالي 85 ألف دولار قبل أن يتعافى جزئياً إلى ما فوق 90 ألف دولار.
تاريخياً، كانت بتكوين والأسهم تتحركان في اتجاه واحد، خاصةً خلال جائحة كوفيد-19، حيث أدت انخفاضات أسعار الفائدة إلى تعزيز الاستثمار في الأصول عالية المخاطر. لكن هذا الارتباط لم يعد قائماً في الوقت الحالي، حيث تشهد أسهم الذكاء الاصطناعي نمواً قوياً، ويزداد الإنفاق الرأسمالي، ويعود المستثمرون بقوة إلى سوق الأسهم. في المقابل، يقترب الذهب والفضة من تسجيل مستويات قياسية جديدة.
تغير سلوك المستثمرين
يشير مات مالي، كبير الخبراء الاستراتيجيين للسوق لدى “ميلر تاباك بلس كو”، إلى أن بتكوين تعتمد بشكل كبير على الزخم الاستثماري. وفي السنوات العشر الماضية، كانت بتكوين غالباً ما تقود المسار عندما يكون الزخم قوياً. ويرى مالي أن المعادن النفيسة استقطبت جزءاً كبيراً من التدفقات الاستثمارية التي كانت تتجه عادةً إلى بتكوين.
تدهورت ثقة المستثمرين في بتكوين بسرعة، حيث تباطأت التدفقات الداخلة إلى صناديق بتكوين المتداولة في البورصة. كما تشير المؤشرات الرئيسية إلى علامات ضعف، مثل قصر مدة سلسلة الإغلاقات اليومية المرتفعة، مما يوحي بأن المكاسب الحالية قد لا تكون مستدامة. هذا التراجع في الثقة يثير مخاوف بشأن مستقبل بتكوين كأصل استثماري رئيسي.
العوامل المؤثرة في أداء بتكوين
يرى ستيفان أوليت، الرئيس التنفيذي لشركة “إف آر إن تي فايننشال”، أن ضعف أداء بتكوين الحالي يعود جزئياً إلى أدائها القوي في العامين الماضيين. فقد تفوقت بتكوين بشكل كبير على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، وهو ما يمكن أن يعزى إلى تبني إدارة ترمب للقطاع. ويعتقد أوليت أن الأسهم كانت في مرحلة اللحاق بالركب.
ويضيف أوليت أن توقيت العام الحالي قد يكون له تأثير أيضاً، حيث كانت بتكوين قد حققت بالفعل مكاسب كبيرة قبل بداية العام. ويشير إلى أن الانخفاض الحالي قد يكون مجرد تراجع طبيعي ضمن سوق صاعدة، ولكنه يتزامن مع تغيير في السردية المتعلقة بالأداء النسبي للقطاعين.
بالإضافة إلى بتكوين، يشهد سوق العملات الرقمية بشكل عام تقلبات كبيرة، مع تزايد المخاوف بشأن التنظيمات الحكومية والتهديدات الأمنية. هذه العوامل تزيد من حالة عدم اليقين وتؤثر على قرارات المستثمرين.
من المتوقع أن يستمر التباين بين أداء الأسهم وبتكوين في المدى القصير، حيث يراقب المستثمرون عن كثب التطورات السياسية والتنظيمية. سيظل أداء بتكوين مرتبطاً بشكل كبير بالمعنويات العامة في السوق والتدفقات الاستثمارية. من الضروري متابعة التطورات في هذا المجال وتقييم المخاطر المحتملة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.

