سفير أوروبا لـ :«الشرق الأوسط» لا تساهل مع الحوثيين

أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، باتريك سيمونيه، على موقف أوروبي ثابت وغير متساهل تجاه تصعيدات الجماعة الحوثية في المنطقة، خاصةً بعد الهجمات الأخيرة على السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب. وتأتي هذه التصريحات في ظل تزايد المخاوف الدولية من تأثير هذه الهجمات على التجارة العالمية والأمن الإقليمي، وتحديداً على حركة الملاحة الحيوية. وتُركز التحذيرات الأوروبية على ضرورة التوقف فوراً عن هذه الأعمال العدائية وتخفيف التوترات في اليمن.
جاءت هذه التصريحات خلال لقاءات دبلوماسية متتالية جمعت سيمونيه بمسؤولين حكوميين يمنيين وممثلين عن الأمم المتحدة في صنعاء وعدن، وتهدف إلى حشد الدعم لوقف إطلاق النار وتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة اليمنية. وشدد سيمونيه على أن الاتحاد الأوروبي يدعم بشكل كامل الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن، ولكنه لا يقبل بأي شكل من الأشكال استخدام الملاحة في البحر الأحمر كأداة للضغط السياسي. ويُعتبر موقف الاتحاد الأوروبي هذا خطوة مهمة في إدانة الأنشطة الحوثية المتزايدة.
تصعيد التوترات: ردود الفعل على الهجمات الحوثية
تصاعدت حدة التوترات في البحر الأحمر وباب المندب في الأسابيع الأخيرة، بعد قيام الجماعة الحوثية باستهداف العديد من السفن التجارية، بزعم أنها متجهة إلى إسرائيل أو تابعة لشركات تتعامل معها. وقد أثارت هذه الهجمات إدانات واسعة النطاق من قبل دول ومنظمات دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة.
تأثير الهجمات على التجارة العالمية
تسببت هذه الهجمات في تعطيل كبير لحركة الملاحة عبر أحد أهم الممرات المائية في العالم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن والتأمين، وتهديد سلاسل الإمداد العالمية. وتشير التقديرات الأولية، وفقاً لتقارير شركات الشحن، إلى خسائر تقدر بملايين الدولارات يومياً بسبب هذه الأحداث.
ردود الفعل الدولية والتهديدات العسكرية
ردًا على هذه الهجمات، أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا عملية عسكرية مشتركة في اليمن، تستهدف المواقع الحوثية المستخدمة في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة. تأتي هذه العملية في إطار الدفاع عن حرية الملاحة، وحماية السفن التجارية، وردع المزيد من التصعيدات. تزامنًا مع ذلك، دعت الأمم المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار، والعودة إلى المفاوضات السياسية.
ويتزامن هذا التصعيد مع استمرار الحرب الأهلية في اليمن، والتي دخلت عامها التاسع، وتسببت في أزمة إنسانية كارثية، حيث يحتاج ملايين اليمنيين إلى المساعدة العاجلة. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 21 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وأن أكثر من 17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
بالإضافة إلى ذلك، يرى خبراء سياسيون أن هذه الهجمات تأتي في سياق التوترات الإقليمية المتزايدة، وعلى رأسها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويعتقدون أن الجماعة الحوثية تسعى إلى استغلال هذه التوترات، وإظهار دعمها للفلسطينيين، وتعزيز مكانتها الإقليمية. ووفقًا لمحللين أمنيين، فإن الحوثيين يتلقون دعمًا عسكريًا ولوجستيًا من إيران، وهو ما يساهم في تعزيز قدراتهم القتالية.
وفيما يتعلق بالموقف اليمني الرسمي، فقد أدانت الحكومة اليمنية بشدة الهجمات الحوثية، واتهمت الجماعة بتهديد الأمن الإقليمي والدولي، وتقويض جهود السلام. وأكدت الحكومة اليمنية على حقها في الدفاع عن أراضيها وسواحلها، وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف تصعيدات الحوثيين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم على مدى السنوات الماضية مساعدات إنسانية كبيرة لليمن، بقيمة مليارات اليورو، بهدف التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية، ودعم جهود السلام والتنمية. وركزت هذه المساعدات على توفير الغذاء والدواء والمياه والمأوى للمحتاجين، بالإضافة إلى دعم البرامج التعليمية والصحية في اليمن. الهجمات الحوثية تعرقل وصول هذه المساعدات للمحتاجين.
من ناحية أخرى، أعلنت العديد من شركات الشحن العالمية عن تعليق عملياتها في البحر الأحمر، أو تحويل مساراتها عبر طريق الرأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى زيادة المسافة والتكلفة. وقد أثارت هذه القرارات مخاوف بشأن استمرار تدفق البضائع إلى أوروبا والشرق الأوسط، وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي. الوضع الحوثي يثير قلق الشركات.
في سياق منفصل، تسعى الأمم المتحدة إلى جمع أطراف النزاع اليمني على طاولة المفاوضات، من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة. وقد أجرى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، مشاورات مكثفة مع الأطراف المعنية، بهدف إيجاد أرضية مشتركة للبدء في عملية السلام. التصعيد الحوثي يعقد جهود السلام.
من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في ممارسة الضغوط الدبلوماسية على الجماعة الحوثية، وحثها على وقف الهجمات والالتزام بقرارات الأمم المتحدة. كما من المحتمل أن يواصل الاتحاد الأوروبي تقديم المساعدات الإنسانية لليمن، ودعم جهود السلام والتنمية. ومع ذلك، فإن مستقبل الأزمة اليمنية لا يزال غامضًا، ويتوقف على مدى استعداد الأطراف المعنية للتوصل إلى تسوية سياسية، ووقف إراقة الدماء. ومما يثير القلق استمرار الجماعة الحوثية في تجاهل النداءات الدولية المتزايدة.

