أعراض الانسحاب والإقلاع عن التدخين

كتب محمود عبده: تواجه محاولات الإقلاع عن التدخين تحديات كبيرة، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الاعتماد النفسي على النيكوتين والأعراض الانسحابية المصاحبة للتوقف. تشير الدراسات إلى أن هذا الاعتماد يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، مما يجعل الإقلاع عن التدخين عملية معقدة تتطلب استراتيجيات فعالة ودعمًا مستمرًا. وقد سلط خبراء الصحة الضوء على أهمية فهم هذه الجوانب لمساعدة المدخنين على التغلب على هذه العادة الضارة.
وفقًا لمصادر طبية متعددة، فإن الإقلاع عن التدخين ليس مجرد مسألة إرادة، بل هو تحدٍ بيولوجي ونفسي. يعتمد التدخين على تحفيز مستقبلات النيكوتين في الدماغ، مما يؤدي إلى إفراز الدوبامين، وهو ناقل عصبي مرتبط بالشعور بالمتعة والمكافأة. هذا التأثير يخلق حلقة من التعزيز الإيجابي، مما يجعل التدخين عادة يصعب التخلص منها. بالإضافة إلى ذلك، يلجأ بعض الأفراد إلى التدخين كوسيلة للتعامل مع التوتر أو القلق، أو كجزء من الروتين الاجتماعي.
التدخين: أعراض الانسحاب واستراتيجيات الإقلاع
عندما يحاول المدخن التوقف عن التدخين، قد يواجه مجموعة من الأعراض الانسحابية غير السارة. تشمل هذه الأعراض التهيج، والقلق، والأرق، وتدهور المزاج، وزيادة الشهية، والسعال. عادةً ما تكون هذه الأعراض في ذروتها خلال الأيام القليلة الأولى بعد التوقف عن التدخين، ثم تبدأ في التلاشي تدريجيًا على مدار الأسابيع التالية. ومع ذلك، قد تستمر بعض الأعراض، مثل الرغبة الشديدة في التدخين، لفترة أطول.
طرق الإقلاع عن التدخين
يوجد العديد من الطرق التي يمكن للمدخنين استخدامها للإقلاع عن التدخين. يفضل بعض الخبراء التوقف المفاجئ، بينما يختار آخرون تقليل عدد السجائر تدريجيًا. تشير الأبحاث إلى أن التوقف المفاجئ قد يكون أكثر فعالية في منع الانتكاس، ولكنه قد يكون أكثر صعوبة بالنسبة للبعض. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام العلاج ببدائل النيكوتين، مثل اللصقات أو العلكة، للمساعدة في تخفيف الأعراض الانسحابية. كما أن الدعم النفسي، سواء من خلال مجموعات الدعم أو الاستشارة الفردية، يمكن أن يكون مفيدًا للغاية.
يؤكد الدكتور ألكسندر مياسنيكوف على أهمية اختيار الطريقة المناسبة لكل فرد، مشيرًا إلى أن التوقف المفاجئ قد يكون الخيار الأفضل للعديد من المدخنين. ومع ذلك، يجب على الأفراد الذين يعانون من أعراض انسحابية شديدة التفكير في استخدام بدائل النيكوتين أو طلب المساعدة من أخصائي.
المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين
يشكل التدخين خطرًا كبيرًا على الصحة العامة، حيث يرتبط بالعديد من الأمراض المزمنة والوفيات المبكرة. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعتبر التدخين السبب الرئيسي للوفاة القابلة للوقاية في جميع أنحاء العالم. يزيد التدخين من خطر الإصابة بسرطان الرئة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكتة الدماغية، وأمراض الجهاز التنفسي، والعديد من أنواع السرطان الأخرى.
تشير الإحصائيات إلى أن 90٪ من حالات سرطان الرئة مرتبطة بالتدخين، خاصةً بين أولئك الذين دخنوا لأكثر من 15 عامًا. كما أن زيادة عدد السجائر التي يتم تدخينها يوميًا يزيد من خطر الإصابة بهذه الأمراض بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي تأخير الإقلاع عن التدخين إلى تعريض الجسم لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لمدة 2-3 سنوات، وللسرطان لمدة 5-6 سنوات.
تعتبر الوقاية من التدخين وتعزيز الإقلاع عنه من الأولويات الصحية الرئيسية. تعمل الحكومات والمنظمات الصحية على تنفيذ برامج توعية وتثقيف حول مخاطر التدخين، وتقديم الدعم للمدخنين الذين يرغبون في الإقلاع عن هذه العادة الضارة. كما أن زيادة الضرائب على منتجات التبغ وتقييد الإعلانات الترويجية للتدخين تعتبر من الإجراءات الفعالة في الحد من انتشار هذه الظاهرة.
من المتوقع أن تستمر الجهود المبذولة لمكافحة التدخين في السنوات القادمة، مع التركيز على تطوير استراتيجيات جديدة وفعالة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن هذه العادة. سيتم أيضًا التركيز على الوقاية من التدخين بين الشباب، من خلال برامج التوعية والتثقيف التي تستهدف هذه الفئة العمرية. من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم فعالية البرامج والسياسات المطبقة، لضمان تحقيق أفضل النتائج في مجال الصحة العامة.

