خروق «الخط الأصفر» تعقّد مسار المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

تتزايد التقارير حول الخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مما يثير قلقًا متجددًا بشأن استقرار الهدنة الهشة. تشمل هذه الخروق عمليات عسكرية محدودة، واقتحامات في مناطق كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت منها، وتجاوزًا للحدود المتفق عليها. وقد بدأت هذه الانتهاكات بعد فترة وجيزة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ في الأول من يونيو، وتمركزت بشكل خاص في مناطق شمال ووسط قطاع غزة.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار المفاوضات غير المباشرة بوساطة دولية، وعلى رأسها مصر وقطر والولايات المتحدة، لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة. تعتبر هذه الخروق تهديدًا مباشرًا للجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى حل شامل للأزمة الإنسانية والأمنية في القطاع.
توسع نطاق الخروق الإسرائيلية في غزة
بدأت الخروق الإسرائيلية بشكل متقطع بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وكانت في البداية تتمثل في عمليات استطلاع جوي مكثفة في سماء غزة. ومع ذلك، تشير التقارير الواردة من مصادر فلسطينية إلى أن هذه الخروق تطورت لتشمل اقتحامات برية محدودة في مناطق مثل بيت حانون والزيتون، بحسب ما ذكرت وزارة الداخلية الفلسطينية.
تركيز الخروق على المناطق الشمالية
يركز معظم نشاط الخرق الإسرائيلي على المناطق الشمالية من قطاع غزة، والتي كانت ساحة المعارك الرئيسية خلال الأشهر الأولى من الحرب. وتشمل هذه المناطق مدينة بيت حانون ومخيم جباليا ومدينة غزة. ووفقًا لمصادر محلية، فإن هذه الاقتحامات تترافق في الغالب مع عمليات تمشيط واعتقالات، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية.
تجاوز “الخط الأصفر” المتفق عليه
وكشفت مصادر إعلامية فلسطينية أن القوات الإسرائيلية تجاوزت ما يعرف بـ”الخط الأصفر” الذي تم الاتفاق عليه أثناء مفاوضات وقف إطلاق النار. هذا الخط كان بمثابة منطقة عازلة بين القوات الإسرائيلية والمناطق المأهولة بالسكان في غزة. التقدم نحو هذه المناطق يثير مخاوف بشأن زيادة التصعيد واحتمال وقوع اشتباكات مسلحة، بما فيها الاشتباكات المسلحة.
وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي لم يعلق بشكل مباشر على هذه التقارير، إلا أنه أكد في بيانات صحفية أنه يحتفظ بحق إجراء عمليات عسكرية محدودة في غزة “لحماية أمنه القومي” و”مكافحة الإرهاب”. إلا أن هذه المبررات لا تزال موضع جدل من قبل الجانب الفلسطيني والمراقبين الدوليين.
إضافة إلى ذلك، أدى استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن غالبية سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية. وتعيق القيود المفروضة على دخول المساعدات جهود الإغاثة وتعطل عملية إعادة الإعمار، مما يزيد من معاناة السكان المدنيين.
كما أثرت هذه الخروق على جهود إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة نتيجة الحرب. فقد توقفت العديد من مشاريع الإعمار بسبب المخاوف الأمنية وتعذر وصول المواد والمعدات اللازمة. ويخشى المراقبون من أن استمرار هذه الخروق قد يؤدي إلى تأخير عملية الإعمار لسنوات، مما يعيق التعافي الاقتصادي والاجتماعي في القطاع.
ردود الفعل الدولية والمحلية على الخروق
أعربت العديد من الدول والمؤسسات الدولية عن قلقها إزاء الخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار. ودعت الأمم المتحدة إلى تحقيق فوري وشامل في هذه الخروق، وشددت على ضرورة احترام الاتفاق من قبل جميع الأطراف. كما حثت الولايات المتحدة، بصفتها الراعي الرئيسي للاتفاق، إسرائيل على الالتزام ببنود الاتفاق. وتدعو هذه الجهات إلى الحفاظ على الهدنة الهشة.
وفي السياق الفلسطيني، أدانت حركة حماس هذه الخروق، واعتبرتها “انتهاكًا سافرًا للاتفاق” و”محاولة لتقويض الجهود المصرية والقطرية”. وحذرت الحركة من أنها سترد على أي اعتداء إسرائيلي على غزة. بينما دعت السلطة الفلسطينية إلى تدخل دولي عاجل لوقف الخروق وضمان حماية المدنيين. وهناك زيادة ملحوظة في التوتر الأمني.
في المقابل، دافع مسؤولون إسرائيليون عن عملياتهم في غزة، مؤكدين أنها ضرورية لحماية أمنهم القومي ومكافحة الإرهاب. وزعموا أن الخروق هي رد على عمليات إطلاق الصواريخ من غزة. ومع ذلك، لم يتم التحقق من هذه المزاعم بشكل مستقل.
يتعين على الأطراف المعنية إيجاد حلول جذرية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. إضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي بذل جهود مكثفة لدعم عملية السلام وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للفلسطينيين.
من المتوقع أن تجري مباحثات مصرية قطرية إضافية في الأيام القادمة لتقييم الوضع ومحاولة التوصل إلى حلول لمعالجة الخروق الإسرائيلية. وستركز هذه المباحثات على آليات المراقبة والتحقق من الالتزام ببنود الاتفاق. ومع ذلك، لا يزال مستقبل الاتفاق غير مؤكدًا، ويتوقف على مدى إرادة الأطراف في الالتزام ببنوده وتجنب التصعيد.

