«اتفاق غزة»… تباينات «نزع السلاح» تواجه دفعة القرار الأممي

تتجه الأنظار نحو قطاع غزة مع استمرار المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، إلا أن الواقع يحمل تباينات كبيرة في تنفيذ بنوده، خاصة فيما يتعلق بملف نزع السلاح في قطاع غزة. يأتي هذا في أعقاب قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي يدعو إلى إنهاء القتال ويسلط الضوء على التحديات المعقدة التي تواجه عملية إعادة الإعمار والأمن في القطاع. وتتركز الخلافات الرئيسية بين الأطراف المعنية حول آليات الإشراف على نزع السلاح وضمان عدم عودة القتال.
بدأت الجهود الدبلوماسية المكثفة لتحقيق وقف إطلاق النار بعد أكثر من ثمانية أشهر من القتال المدمر الذي خلف عشرات الآلاف من الضحايا والجرحى، وتسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة. تشارك في هذه المفاوضات كل من مصر وقطر والولايات المتحدة، بالإضافة إلى إسرائيل وحركة حماس. الهدف المعلن هو التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وتقديم المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ.
التحديات الرئيسية في تنفيذ نزع السلاح في قطاع غزة
يمثل نزع السلاح في قطاع غزة التحدي الأكبر في طريق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. تتطلب هذه العملية تفكيك البنية التحتية العسكرية لحركة حماس وغيرها من الفصائل المسلحة، وجمع الأسلحة، ومنع إعادة التسلح. ولكن، هناك خلافات عميقة حول كيفية تحقيق ذلك بشكل فعال ومستدام.
آليات الإشراف والرقابة
تصر إسرائيل على الإشراف الكامل على عملية نزع السلاح، وضمان عدم وجود أي قدرة عسكرية لدى حماس في المستقبل. بينما ترفض حماس هذا الشرط، وتطالب بوجود آلية دولية للإشراف، مع ضمان حقوق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم.
وفقًا لمصادر مصرية رفيعة المستوى، فإن القاهرة تقترح تشكيل قوة أمنية دولية مشتركة للإشراف على عملية نزع السلاح، وتتكون من ممثلين عن مصر والأردن والسعودية ودول أخرى ذات ثقل إقليمي. تهدف هذه القوة إلى بناء الثقة بين الطرفين، وضمان تنفيذ الاتفاق بشكل عادل وشفاف.
مخاوف إسرائيل الأمنية
تعرب إسرائيل عن قلقها العميق بشأن مستقبل الأمن في غزة، وتخشى من أن أي فراغ أمني قد يؤدي إلى استئناف الهجمات الصاروخية ضد أراضيها. وتطالب بضمانات قوية لمنع حماس من إعادة بناء قدراتها العسكرية، بما في ذلك الرقابة على الحدود، ومنع تهريب الأسلحة.
في المقابل، ترى حماس أن هذه المطالب تمثل تدخلًا في شؤونها الداخلية، وأنها تهدف إلى إضعافها وتقويض سلطتها في غزة. وتؤكد الحركة على حقها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وأنها لن تتخلى عن مقاومتها حتى تحقيق أهدافها.
الوضع الإنساني والتعقيدات الإضافية
بالتوازي مع مفاوضات نزع السلاح في قطاع غزة، يواجه القطاع أزمة إنسانية حادة تتطلب تدخلًا عاجلاً. أفادت وكالة غوث وتشغيل الأونروا بأن غالبية سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن هناك نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه عملية إعادة الإعمار تحديات كبيرة بسبب القيود الإسرائيلية على دخول مواد البناء والمعدات الثقيلة. وتشير تقديرات أولية إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.
تتعقد الأمور أيضًا بسبب الوضع السياسي الفلسطيني الداخلي، والانقسام بين حماس وفتح. فقد أعربت السلطة الفلسطينية عن رفضها لأي اتفاق لا يضمن سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، ويدعو إلى إجراء انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن.
دور المجتمع الدولي والجهود المبذولة
يلعب المجتمع الدولي دورًا حاسمًا في دعم جهود تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وضمان تنفيذ بنوده. وقد قدمت العديد من الدول والمنظمات الدولية مساعدات إنسانية عاجلة للقطاع، ودعت إلى حل سياسي شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أما بالنسبة للمفاوضات الجارية، فقد كثفت الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية للضغط على الطرفين للتوصل إلى اتفاق. وقد أعلنت الخارجية الأمريكية عن استعدادها لتقديم ضمانات أمنية لإسرائيل، مقابل التزام حماس بوقف إطلاق النار ونزع السلاح.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر وقطر إلى استمرار دورهما كوسيطين رئيسيين في المفاوضات، وتعملان على تذليل العقبات التي تعترض طريق التوصل إلى اتفاق. وتؤكدان على أهمية إشراك جميع الأطراف المعنية في عملية السلام، بما في ذلك السلطة الفلسطينية.
تترافق هذه الجهود مع تزايد الدعوات الدولية إلى التحقيق في مزاعم بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال القتال في غزة. وتطالب منظمات حقوقية بإحالة المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في الوقت الحالي، لا يزال مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة غير واضح. تتوقف فرص نجاح المفاوضات على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات متبادلة، والالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المفاوضات المكثفة، بهدف التوصل إلى حل نهائي للصراع.
الخطوة التالية المتوقعة هي رد حماس الرسمي على مقترحات الاتفاق المقدمة من الوساطاء. الموعد النهائي لتقديم هذا الرد هو نهاية الأسبوع الحالي، وفقًا لتصريحات رسمية. يجب مراقبة تطورات هذا الرد، بالإضافة إلى رد فعل إسرائيل، لتحديد ما إذا كانت المفاوضات ستستمر أم ستتوقف.

