أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟

على وقع تسارع وتيرة التطور في مجال الذكاء الاصطناعي، تتزايد المخاطر والفرص الاستثمارية المرتبطة بهذا القطاع بشكل ملحوظ. فبعد أن أصبح الذكاء الاصطناعي محركًا رئيسيًا للنمو في قطاع التكنولوجيا، تتجه الأنظار نحو تقييم تأثيره على الاقتصاد العالمي والحياة اليومية، مع ملاحظة ارتفاع حصة شركات التكنولوجيا الكبرى المستفيدة من هذه الطفرة في المؤشرات الرئيسية مثل ستاندرد آند بورز 500.
وتشير التقارير إلى أن الإنفاق الرأسمالي المتزايد على مراكز البيانات، الضرورية لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يمنح الاقتصاد الأمريكي دفعة قوية. ومع ذلك، يثير هذا التوسع تساؤلات حول استدامة الوظائف المبتدئة والضغط المتزايد على الموارد الطبيعية مثل الكهرباء والمياه. فالسؤال المطروح الآن هو: كيف ستترجم هذه الوعود التكنولوجية إلى أرباح ملموسة ومستدامة؟
فرص استثمارية تتجاوز النماذج اللغوية الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي
لتحليل هذه المشهد المعقد، استطلعت آراء أربعة خبراء استثمار متخصصين في تقنية الذكاء الاصطناعي، يقدم كل منهم رؤية مختلفة حول مستقبل هذا القطاع. تتفق الرؤى على أن الفرص لا تقتصر على النماذج اللغوية الكبيرة، بل تمتد لتشمل تقاطع البيانات مع البنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والرعاية الصحية.
تضع كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة “أرك إنفست”، ما تسميه “الذكاء المتجسّد” في صدارة فرص الاستثمار لعام 2026، مع التركيز بشكل خاص على النقل ذاتي القيادة. وتقدر وود أن سوق سيارات الأجرة ذاتية القيادة قد يتوسع عالميًا ليصل إلى قيمة تتراوح بين 8 و 10 تريليونات دولار خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة، معتبرة أن شركة تسلا تحتل موقعًا رائدًا في هذا المجال.
روبوتاكسي: سوق واعدة بتريليونات الدولارات
وتستند رؤية وود إلى فكرة أن البيانات التشغيلية التي تجمعها ملايين المركبات ذاتية القيادة على الطرق ستلعب دورًا حاسمًا في تطوير هذه التكنولوجيا وتحقيق التفوق التنافسي. وتشير إلى أن الشركات التي تتمكن من جمع وتحليل هذه البيانات ستكون في وضع أفضل للاستفادة من هذا السوق الضخم. وتطرح وود هدفًا سعريًا لسهم تسلا عند 2,600 دولار خلال أربع سنوات، معتبرة أن 90% من هذا السيناريو مرتبط بـ”الروبوتاكسي”.
في المقابل، يرى دِني فيش، رئيس أبحاث التكنولوجيا في “جانوس هندرسن”، أن سوق الذكاء الاصطناعي يتطلب إطارًا أكثر شمولية لإدارة المخاطر وتعظيم العائد. يقترح فيش تقسيم دورة تبني الذكاء الاصطناعي إلى ثلاث فئات: المُمكِّنون (البنية التحتية والشرائح ومراكز البيانات والطاقة)، المُعزِّزون (البرمجيات التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي)، والمستخدمون النهائيون (الشركات التي توظف الذكاء الاصطناعي لتحسين أدائها).
الرعاية الصحية والتحول الرقمي
وتركز تاوشا وانغ، مديرة المحافظ في “فيديلتي إنترناشونال”، على العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والدورات الاقتصادية الكلية والسلع. وتشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية بسبب الإنفاق الرأسمالي الكبير على مراكز البيانات، مما يجعل السلع، وعلى رأسها النحاس، أداة تحوط استثمارية مهمة. كما ترى أن تباطؤ التوظيف مقابل الاستثمار في الآلات قد يدفع إلى سياسات نقدية أكثر مرونة.
من جانبه، يرى مايكل سميث، رئيس فريق أسهم النمو في “أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس”، أن الطاقة تمثل القيد الأكبر أمام توسع الذكاء الاصطناعي. ويشير إلى أن الشركات التي تعمل في مجال البنية التحتية للطاقة، مثل “كوانتا سيرفيسز” و”تالِن إنرجي”، قد تشهد نموًا كبيرًا في المستقبل. كما يرى أن قطاع الرعاية الصحية، وخاصة الشركات التي تعمل في مجال الصحة الرقمية والتصوير الطبي، يمثل فرصة استثمارية واعدة.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الحياة اليومية
ويظهر الذكاء الاصطناعي تأثيره بشكل متزايد على الحياة اليومية، حيث يستخدم الخبراء هذه الأدوات في مجالات متنوعة، من مساعدة الأطفال في حل المسائل الرياضية إلى توليد قصص مخصصة لهم. كما يساعد الذكاء الاصطناعي في فهم الموسيقى الكلاسيكية المعقدة وتحسين التشخيص الطبي.
ومع ذلك، يحذر سميث من أن تقييمات العديد من الأسهم في قطاع الذكاء الاصطناعي قد تكون مبالغًا فيها، وأن المخاطر غير المرئية قد تكون أكثر تأثيرًا من المتوقع. ويشدد على أهمية تنويع الاستثمارات وعدم التركيز على مسار واحد.
في الختام، يشير الخبراء إلى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي لا يزال مليئًا بالفرص والتحديات. ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة تطورات متسارعة في هذا المجال، مع زيادة الإنفاق على البنية التحتية والبحث والتطوير. ويجب على المستثمرين مراقبة هذه التطورات عن كثب وتقييم المخاطر والفرص بعناية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. الخطوة التالية ستكون متابعة نتائج الشركات الكبرى في هذا القطاع خلال موسم الإعلانات عن الأرباح القادم، وتقييم مدى قدرتها على تحقيق النمو المتوقع.

