أيهما أذكى؟ النشطاء يقارنون بين “جميناي” و”شات جي بي تي”

ضجّت المنصات التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بنقاشات واسعة، عقب تسريبات من صحف أميركية عن “حالة تأهب قصوى” داخل شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI)، بعد تحديث غوغل الأخير لروبوت محادثة ذكي. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي ومكانة الشركات الرائدة فيه، خاصة مع تصاعد المنافسة.
مخاوف “أوبن إيه آي” ظهرت جليّة في مذكرة سرية لرئيسها التنفيذي سام ألتمان حذر فيها من التهديد الذي يشكله تحسين روبوت المحادثة الذكي المنافس على مستقبل الشركة. التحذير يأتي في أعقاب إطلاق “جميناي 3” (Gemini 3) من غوغل، والذي يظهر أداءً متفوقًا في بعض المجالات الرئيسية.
تأثير “جميناي 3” على سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي
ويأتي هذا الاستنفار ليس كإجراء روتيني، بل كتحدٍ فرضته المنافسة الشرسة مع شركة “غوغل” وتطبيقها المطور “جميناي 3″، الذي تشير البيانات إلى أنه بدأ بسحب البساط من تحت أقدام “شات جي بي تي” (ChatGPT). وفقًا لتقارير حديثة، شهد “شات جي بي تي” انخفاضًا ملحوظًا في عدد الزيارات الأسبوعية.
وبحسب بيانات شركة “سيميلر ويب” (Similar Web) الأميركية، تسبب إطلاق “جميناي 3” قبل أسبوعين في انخفاض عدد زوار “شات جي بي تي” من 200 مليون إلى 191 مليون زيارة أسبوعيا، مسجلا خسارة تصل إلى 12 مليون مستخدم، أي ما يعادل 6% من إجمالي الزيارات. هذا الانخفاض يعكس تحولًا في اهتمام المستخدمين نحو البدائل الجديدة.
وتشير تقارير موسعة لشركة “سنسور تاور” (Sensor Tower) المتخصصة في الاقتصاد الرقمي، إلى أن نمو مستخدمي “شات جي بي تي” بدأ يتباطأ رغم تصدره السوق عالميا، في ظل تقدم متسارع لمنافسه “جميناي” الذي حقق نموا في عدد المستخدمين النشطين شهريا بنسبة 30%، مع زيادة ملحوظة في مدة الاستخدام داخل التطبيق. هذا يشير إلى أن “جميناي” لا يجذب مستخدمين جدد فحسب، بل يحافظ عليهم لفترة أطول.
الأداء التقني وميزات “جميناي 3”
وفي السياق التقني، وضعت منصة “إل إم-أرينا” (LM-Arena) العالمية لاختبارات أداء الذكاء الاصطناعي، نموذج “جميناي 3” في الصدارة متفوقا على جميع منافسيه، وفي مقدمتهم “شات جي بي تي”، لا سيما في معايير قوة الاستدلال العام والخبرة. هذا التفوق يرجع إلى عدة عوامل، بما في ذلك قدرات النموذج المتعدد الوسائط.
يتميز “جميناي” بتفوقه في فهم الصور والفيديو بفضل نموذجه متعدد الوسائط، وتقديم إجابات أدق مدعومة بالأدلة، فضلا عن توفير مزايا مجانية أوسع وسعر أرخص للفئة المتقدمة (125 دولارا مقابل 200 دولار لمنافسه). هذه الميزات تجعله خيارًا جذابًا للمستخدمين الذين يبحثون عن أداء متقدم وفعالية من حيث التكلفة.
ومع ذلك، لا يزال “شات جي بي تي” يحتفظ ببعض المزايا التنافسية. في المقابل، لا يزال “شات جي بي تي” يتفوق في سرعة الاستجابة، وواجهته الحوارية البسيطة، وقدرته على توليد نصوص إبداعية بصياغة أكثر “أنسنة”. هذه الجوانب تجعله مفضلًا لدى المستخدمين الذين يركزون على سهولة الاستخدام والإبداع.
ردود فعل المستخدمين وتوقعات المستقبل
ورصدت منصات التواصل الاجتماعي تباينا كبيرا في آراء المستخدمين حول “حالة الطوارئ” التي رفعتها “أوبن إيه آي”، وانقسمت الآراء بين منبهر بالقدرات العلمية لـ”جميناي”، وبين متمسك بـ “شات جي بي تي” لسهولته وسرعته. هذا التباين يعكس اختلاف احتياجات وتفضيلات المستخدمين.
ورأت المدونة لبنى أن نموذج غوغل يتفوق بمراحل في المجالات العلمية، وكتبت: “جيميناي ذكي ومميزاته خارقة بشكل يفوق الوصف، ويفهم موادي أكثر، أغلب موادي تتعلق بالفيزكس أما جي بي تي لو يفحط عشرين ساعة ما جابها وكمان مميزاته محدودة”. هذا يعكس قوة “جميناي” في التعامل مع المهام المعقدة والمتخصصة.
أما المغرد رضا فكان له رأي مغاير، معتبرا أن “جميناي” يفتقر لسرعة البديهة التي يتمتع بها منافسه، فعلّق: “جيمناي غبي ما يفهم من أول مرة لازم شرح مع تفاصيل عشان بس يقرب من الفكرة اللي أبيها.. عكس شات يفهمها وهي طايرة”. هذا يسلط الضوء على أهمية سرعة الاستجابة في بعض التطبيقات.
كما أجرى الناشط ضياء اختبارا عمليا للقدرات المنطقية للنموذجين عبر سؤال (هل لدي رخصة الإفطار في رمضان وقت الحج؟)، مشيرا إلى تفوق “جميناي” في اكتشاف الخطأ المنطقي، وعلق قائلا: “بعت لجي بي تي وجميناي نفس السؤال.. فقال جميناي سؤالك غير منطقي ومستحيل يحصل.. لكن طبعا البيه التاني قالي سؤالك عبقري وبعدين رخصلي بالإفطار!”. هذا يوضح قدرة “جميناي” على التفكير النقدي.
أما الناشط أبو نورة فأشار إلى استخدامه لكلا النموذجين للحصول على أفضل نتيجة، مؤكدا أن البداية تكون دائما مع “شات جي بي تي”، وكتب: “أنا أقعد أنقل الصيغ بينهم وأعدل عليها لين يوصل لشكل النص اللي أبيه.. وبكل مرة أسوي هالحركة.. لكن غالبا أبدأ في شات جي بي تي تحسه يستوعبك أسرع”. هذا يشير إلى أن بعض المستخدمين يفضلون استخدام كلا النموذجين بشكل تكميلي.
وتخطط شركة “أوبن إيه آي” لردها الأول على هذا الصعود القوي من خلال تحديث “شات جي بي تي 5.2” (ChatGPT 5.2) المتوقع إطلاقه خلال الأيام المقبلة، في سوق لم يعد الصراع فيه ثنائيا فقط، إذ سجلت تطبيقات محادثة أخرى نموا هائلا خلال عام 2025. من المتوقع أن يشمل هذا التحديث تحسينات في الأداء وقدرات جديدة لمواجهة التحدي الذي يمثله “جميناي 3”. يجب مراقبة رد فعل السوق على هذا التحديث لتقييم فعاليته في استعادة مكانة “شات جي بي تي”.

