في ظل التطور الرقمي العالمي المتسارع، تبرز باكستان كدولة تسعى نحو تعزيز الاقتصاد الرقمي وتوسيع نطاقه. وتسعى الحكومة الباكستانية، من خلال رؤية استراتيجية شاملة وإصلاحات تنظيمية، إلى مضاعفة مساهمة قطاع التكنولوجيا والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير بيئة جاذبة للابتكار والاستثمار. وتأتي هذه الجهود في وقت يشهد فيه العالم تحولات جذرية في كيفية ممارسة الأعمال والتواصل، مما يجعل التحول الرقمي ضرورة حتمية لتحقيق النمو المستدام.
تستثمر باكستان بشكل كبير في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز رأس المال البشري، وتحديث التشريعات والقوانين المتعلقة بالتكنولوجيا، وذلك بهدف خلق اقتصاد رقمي تنافسي ومزدهر. وقد شاركت وزيرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الباكستانية، شذى فاطمة خواجة، في مؤتمر “إم دبليو سي” 2025 في الدوحة لمناقشة هذه التطورات واستكشاف فرص التعاون الجديدة.
نظرة عامة على البيئة التكنولوجية في باكستان
يتميز قطاع التكنولوجيا في باكستان بنمو سريع، مدفوعاً بزيادة انتشار الإنترنت والهواتف الذكية، وتزايد عدد الشباب المتعلمين القادرين على قيادة عملية التحول الرقمي. وفقاً للوزيرة خواجة، تركز الاستراتيجية الحالية على بناء منظومة بيانات متكاملة، وتطوير البنية التحتية الرقمية في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والتمويل.
بالإضافة إلى ذلك، تولي الحكومة الباكستانية اهتماماً خاصاً برقمنة الخدمات الحكومية لتسهيل حياة المواطنين وتقليل البيروقراطية. وقد تم بالفعل رقمنة نسبة كبيرة من هذه الخدمات، وهناك خطط لاستكمال الرقمنة بشكل كامل في المستقبل القريب. هذا التحول يهدف إلى زيادة الشفافية والكفاءة، وتقليل فرص الفساد.
تنمية رأس المال البشري وتعزيز ريادة الأعمال
تدرك باكستان أن تطوير الاقتصاد الرقمي يتطلب استثماراً كبيراً في تنمية رأس المال البشري. لذلك، تعمل الحكومة على توفير برامج تدريبية واسعة النطاق في مجالات مثل البرمجة وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي. هذه البرامج مصممة لتمكين الشباب الباكستاني من اكتساب المهارات اللازمة للمنافسة في سوق العمل العالمي.
كما تدعم الحكومة مبادرات ريادة الأعمال من خلال توفير التمويل والإرشاد والتدريب للشركات الناشئة. وتهدف هذه المبادرات إلى تشجيع الابتكار وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى تمكين المرأة والشباب من خلال توفير فرص متساوية في التعليم والتدريب والتوظيف.
مشاركة باكستان في مؤتمر “إم دبليو سي” 2025
أعربت الوزيرة خواجة عن تقديرها للمشاركة الباكستانية في مؤتمر “إم دبليو سي” 2025 في الدوحة، مشيرة إلى أن المؤتمر أتاح لها وللفريق المرافق لها فرصة لعرض التطورات التي تشهدها باكستان في قطاع الاتصالات. وأكدت الوزيرة أن باكستان تشهد توسعاً كبيراً في البنية التحتية الدولية للكابلات البحرية، مما يعزز سعة الاتصال الدولي ويقلل المخاطر.
وأضافت أن باكستان تعمل على تحديث وتحسين شبكات الاتصالات الوطنية، بما في ذلك تطوير خدمات الجيل الرابع والخامس، وتحسين جودة الخدمة للمستخدمين. وشددت على أهمية التعاون الدولي في مجال تطوير البنية التحتية الرقمية، وتبادل الخبرات والمعرفة. وتشكل الاتصالات على نطاق واسع جزءاً مهماً من خطط النمو للبلاد.
وأشارت الوزيرة إلى أن باكستان تسعى إلى أن تصبح مركزاً إقليمياً للاتصالات، من خلال توفير أقصر مسارات الربط بين آسيا الوسطى والصين وبقية العالم. ويتطلب ذلك استثمارات كبيرة في البنية التحتية، وتطوير السياسات والقوانين المناسبة. وهذا الجهد سيستفيد من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لباكستان.
الخطوات القادمة والتحديات المحتملة
تتطلع الحكومة الباكستانية إلى مواصلة الاستثمار في التحول الرقمي، وتوسيع نطاق الاقتصاد الرقمي ليشمل المزيد من القطاعات. وسيراقب المراقبون عن كثب تنفيذ خطط الحكومة لتطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز رأس المال البشري، وتحديث التشريعات والقوانين. ولكن، يواجه هذا المسعى تحديات مثل نقص التمويل، والبيروقراطية، ومخاوف الأمن السيبراني.
من المتوقع أن تشهد باكستان في الأشهر والسنوات القادمة المزيد من الإصلاحات والتحسينات في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، بهدف تحقيق النمو المستدام والازدهار الاقتصادي. وسيكون من المهم أيضاً مراقبة مدى قدرة باكستان على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التكنولوجيا، وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى في هذا المجال.
