كوستا للجزيرة نت: هذا سر قوة جيميناي 3.0

أثارت إعلانات شركة جوجل الأخيرة عن نموذجها للذكاء الاصطناعي الجديد، جيميناي 3.0، اهتمامًا واسعًا في مؤتمر “إم دبليو سي” (MWC) المنعقد في برشلونة. حيث توافد الزوار على جناح الشركة لمناقشة أحدث المنتجات، وكان للجزيرة فرصة للقاء غسان كوستا، المدير العام الإقليمي لـ “غوغل كلاود” في قطر والبحرين وعمان والعراق، لاستكشاف تفاصيل هذا النموذج الجديد والإشادة التي حظي بها، وما إذا كانت جوجل قد استعادت زخمها في سباق الذكاء الاصطناعي.
أكد كوستا أن جيميناي ليس مجرد قفزة نوعية، بل هو تتويج لـ 27 عامًا من البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، ويتجاوز مفهوم النموذج الواحد ليشمل منظومة متكاملة. هذه المنظومة، وفقًا لكوستا، هي التي تمنح جيميناي قوته الحقيقية والقدرة التنافسية التي تحتاجها جوجل.
رحلة جوجل نحو منظومة الذكاء الاصطناعي: من الإخفاق إلى التفوق في جيميناي 3.0
لم تكن الطريق إلى جيميناي 3.0 مفروشة بالورود بالنسبة لشركة جوجل. فقد واجهت الشركة انتقادات حادة بعد إطلاق “بارد” (Bard) في عام 2023، والذي اعتبره الكثيرون نموذجًا غير جاهز ومليئًا بالأخطاء، مما أدى إلى تراجع في قيمة أسهم الشركة. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت تقارير عن انقسامات داخلية بين فرق تطوير الذكاء الاصطناعي، مما أثار الشكوك حول رؤية الشركة في هذا المجال.
وحتى النسخة الأولى من جيميناي لم ترتقِ إلى مستوى المنافسة مع نماذج مثل GPT-4، مما دفع بعض المحللين إلى القول أن جوجل فقدت ريادتها في عالم الذكاء الاصطناعي. ولكن، يبدو أن جوجل استلهمت دروسًا قيمة من هذه التجارب، وقامت بتطوير استراتيجية جديدة تركز على بناء منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي.
بناء المنظومة: خمس طبقات لتحقيق التفوق
يرى كوستا أن بناء منظومة قوية للذكاء الاصطناعي يتطلب التركيز على خمس طبقات رئيسية. أولاً، العتاد الصلب، حيث تستخدم جوجل شرائح (TPU) الخاصة بها، والتي تم تصميمها خصيصًا لتسريع عمليات التعلم الآلي، خلافًا للعديد من الشركات التي تعتمد على وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) من شركات أخرى.
ثانيًا، السحابة، التي تمثل العمود الفقري للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي. تمتلك جوجل سحابة متطورة توفر قدرات حوسبة هائلة وتخزين بيانات ضخمة، بالإضافة إلى شبكة عالمية من مراكز البيانات.
ثالثًا، سلسلة الذكاء الاصطناعي، وهي عبارة عن مجموعة من الأطر والأدوات والأنظمة الوسيطة التي تعتمد عليها جوجل في بناء وتدريب نماذجها. هذه السلسلة تسمح للشركة بالتحكم الكامل في عملية التطوير وتحسين الأداء.
رابعًا، البيانات. تعتبر البيانات “وقود” الذكاء الاصطناعي، وتمتلك جوجل إمكانية الوصول إلى كميات هائلة من البيانات المتنوعة من خلال خدماتها المختلفة مثل محرك البحث يوتيوب وخرائط جوجل. هذه البيانات تتيح لـ جيميناي فهم العالم بشكل أفضل وتقديم نتائج أكثر دقة.
أخيرًا، النموذج نفسه. جيميناي 3.0 هو نتاج هذه المنظومة المتكاملة، ويتميز بقدرته على معالجة كميات كبيرة من البيانات وفهم اللغات المختلفة، بالإضافة إلى قدرته على توليد نصوص وصور وأكواد برمجية.
ميزة البيانات: السر الذي لا يمكن تكراره
وفقًا لكوستا، فإن أحد أهم العوامل التي تميز جيميناي 3.0 عن منافسيه هو البيانات التي تدرب عليها النموذج. حيث تمتلك جوجل بيانات ضخمة ومتنوعة لم تتمكن أي شركة أخرى من جمعها، وذلك بفضل انتشار خدماتها الواسع. هذه البيانات تشتمل على نصوص وصور وفيديوهات وأكواد برمجية، مما يجعل جيميناي نموذجًا متعدد الاستخدامات.
ويؤكد خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي أن البيانات الحصرية التي تمتلكها جوجل تمنحها ميزة تنافسية كبيرة، حيث لا يمكن للشركات الأخرى تكرار هذه الميزة بسهولة. وتعاون جوجل مع عدد من الشركات والمؤسسات لجمع المزيد من البيانات وتحسين أداء نموذجها.
مستقبل الذكاء الاصطناعي مع جيميناي 3.0
يمثل جيميناي 3.0 خطوة مهمة في مجال الذكاء الاصطناعي، ويُظهر قدرة جوجل على استعادة زخمها في هذا المجال. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحسين أداء النموذج و توسيع نطاق استخدامه. تشير التوقعات إلى أن جوجل ستواصل الاستثمار في تطوير الذكاء الاصطناعي، وستطلق المزيد من النماذج والخدمات المبتكرة في المستقبل القريب. من الأمور التي يجب متابعتها عن كثب هو كيفية استجابة المنافسين، مثل مايكروسوفت وأوبن إيه آي، للتحدي الذي يمثله جيميناي 3.0، وما إذا كانوا سيتمكنون من تطوير نماذج مماثلة أو متفوقة. بالإضافة إلى ذلك، من المهم مراقبة التطورات التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، حيث قد تؤثر هذه التطورات على طريقة تطوير واستخدام هذه التقنية.

