مشبها إياها بالسجائر.. مؤسس “آنثروبيك” يحذر شركات الذكاء الاصطناعي

حذر داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة “آنثروبيك” المطورة لروبوت الذكاء الاصطناعي “كلود”، من التطور السريع لـالذكاء الاصطناعي، داعيًا إلى الشفافية الكاملة بشأن المخاطر المحتملة المرتبطة بهذه التقنية. جاء هذا التحذير في تقرير نشرته صحيفة “الغارديان”، مسلطًا الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن الاستخدامات غير المنضبطة للذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمع والاقتصاد.
وأكد أمودي أن الذكاء الاصطناعي سيصبح قريبًا أكثر ذكاءً من معظم، إن لم يكن كل، البشر في مختلف المجالات. وشدد على ضرورة أن تكون الشركات العاملة في هذا المجال صريحة بشأن المخاطر التي تنطوي عليها تقنياتها، محذرًا من أن تجاهل هذه المخاطر قد يؤدي إلى نتائج مماثلة لتلك التي واجهتها شركات التبغ التي أخفت آثار منتجاتها الضارة على الصحة.
مخاطر الذكاء الاصطناعي وتصعيد التحذيرات
تبرير أمودي يعود إلى أن شركات التبغ كانت على علم بالمخاطر الصحية لمنتجاتها، لكنها فضلت التكتم عليها لتحقيق أرباح أكبر، مما أدى في النهاية إلى مشكلة صحية عامة معقدة. هذا التشبيه يهدف إلى إبراز أهمية المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية للشركات المطورة للذكاء الاصطناعي.
وتأتي هذه التحذيرات في أعقاب تقارير عن استخدام أداة “كلود” نفسها في هجوم سيبراني واسع النطاق. ووفقًا للتقرير، نفذت مجموعة من القراصنة الصينيين هجومًا على 30 مؤسسة مستقلة حول العالم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي طورتها “آنثروبيك”.
هجوم سيبراني مستقل
الجدير بالذكر أن الهجوم تم تنفيذه بالكامل دون أي تدخل بشري مباشر، بعد أن حدد النموذج الأهداف الأولية. أعرب أمودي عن استيائه من هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه “كلما منحنا النموذج استقلالية أكبر، أصبح من الأصعب السيطرة عليه”. هذا يشير إلى تحديات كبيرة في ضمان سلامة وأمن أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
من جانبه، أعرب لوغان غراهام، رئيس فريق اختبار نماذج الذكاء الاصطناعي في “آنثروبيك”، عن قلقه العميق بشأن القدرات المتزايدة لهذه النماذج. وأشار إلى أن نفس التقنية التي يمكن أن تستخدم لإيجاد علاجات للأمراض قد تستخدم أيضًا في تطوير أسلحة بيولوجية مدمرة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الأمن العالمي.
وقد صرح أمودي سابقًا بأن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان أكثر من نصف الوظائف في السنوات القادمة. هذا التصريح يعكس المخاوف المتزايدة بشأن التأثير المحتمل للتقنية على سوق العمل والحاجة إلى إعادة تدريب وتأهيل العمال لمواجهة التغيرات المستقبلية.
ويعتبر أمودي من أبرز الأصوات التي تدعو إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي ووضع قيود صارمة عليه، على الرغم من أن شركته تقدم واحدة من أقوى أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة حاليًا. هذا الموقف المتناقض يعكس إدراكه العميق للمخاطر المحتملة للتقنية ورغبته في المساهمة في تطوير إطار تنظيمي فعال.
تتزايد المناقشات حول **أمن الذكاء الاصطناعي** و **تنظيم الذكاء الاصطناعي** على مستوى العالم، حيث تسعى الحكومات والمنظمات الدولية إلى وضع قوانين ولوائح تضمن الاستخدام المسؤول والأخلاقي لهذه التقنية. كما أن هناك جهودًا متواصلة لتطوير أدوات وتقنيات جديدة للكشف عن ومنع الاستخدامات الضارة للذكاء الاصطناعي.
في سياق منفصل، تشير التقديرات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي العالمي سيصل إلى تريليونات الدولارات في السنوات القادمة، مما يجعلها واحدة من أكثر الصناعات نموًا في العالم. هذا النمو السريع يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، بالإضافة إلى تطوير الكفاءات والمهارات اللازمة للاستفادة من إمكانات التقنية.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول مخاطر وفوائد الذكاء الاصطناعي في التصاعد خلال الأشهر القادمة، مع التركيز بشكل خاص على قضايا مثل الخصوصية والأمن والتحيز. من المرجح أن تشهد الحكومات والمنظمات الدولية ضغوطًا متزايدة لاتخاذ إجراءات ملموسة لتنظيم هذه التقنية وضمان استخدامها لصالح البشرية. وستكون متابعة التطورات في هذا المجال أمرًا بالغ الأهمية لفهم التحديات والفرص التي يمثلها الذكاء الاصطناعي.

