إزميل فيدياس المكسور | شعر
البروبيلايا
فيدياس
يقف عند بوّابة الأكروبول،
في يده اليسرى كيسٌ عميقٌ
يجمع فيه نظرات الداخلين،
وفي اليمنى أحلامٌ مليئةٌ بالصخور
وإزميلٌ مكسور
تقول الأسطورة إنّ إزميلًا تكوّن في قلبه
حين طفلًا كان يسأل… يسأل ويخاف
حتّى جعل من خوفه معبدًا
“رأيتُ ما يكفي من الحجارة،
فمَنْ يأخذني إلى ذلك النبع في غابة المعنى؟”
في تلك الساعة من صباح نيسان،
فيما الصاعدون إلى ذكرياتهم ينفضون الغبار عن انتظارهم
الّذي دام ألفين وأربع مئة عام،
يقترب سائحٌ ليأخذ صورة سيلفي بكاميرا السمارتفون-
من وراء فمه تطلّ ابتسامةٌ مبهمة،
ومن وراء الشاشة ألف متابعٍ يتجمّعون
كالنمل
على وجهه
البارثينون
أعمدة البارثينون، سجائرُ عملاقة
يدخّنها التاريخ على مهل
بينما أثينا واقفةٌ في المعبد
تزحف إليها الصلوات من كهوفٍ في رؤوس المصلّين
إلى الجبال المحيطة بصمتها،
والكهنة يجمعون أمام يديها القرابين
“الفرح لكِ والفرح بثرواتكِ الّتي قسّمَتها يداكِ العادلتان.
والفرح لكلّ المبارَكين من الناس بحبّ العذراء أثينا الّتي تتربّع
فوق جدار عرش أبيها”
وتحت الدم المسكوب، دم القرابين، صيحات المحاربين
الخارجين من أرض أتيكا إلى تلك الجزيرة في صحن حسائهم
يحملون على ظهورهم وهج الشمس وغبار المعارك
قوافل السيّاح ترحل من ظلٍّ إلى آخر
تمسح المكان بعيونٍ إلكترونيّة
“عذرًا، هل يمكنك أن تلتقط لنا صورةً عائليّة؟”
تطلب سائحةٌ صينيّةٌ لن أذكرها
نقرةٌ على الزرّ
غمزةٌ من عين أثينا
تتحوّل اللحظة إلى ذكرى
إرخثيون
الكرتيدات الستّ، حاملات القرابين،
يجمعن الأيّام في سلال القصب على رؤوسهنّ
من رقصتهنّ المقدّسة،
من طيّات البيبلوس على الخصر،
ترتخي أنهارٌ إلى بحيرةٍ في قاع الكون
يسكنها ثعبانٌ يلهو بإغواء البشر
دقائقُ قليلةٌ وتنتهي الزيارة-
في أسفل التلّ
بوسيدون، بلحيته الطويلة،
سوفينير
في علّاقة مفاتيح العالم
طبيب أعصاب، يعمل مديرًا لوحدة طبّ الأعصاب في «مستشفى الناصرة». يكتب الشعر ويترجمه عنه الإنجليزيّة.
المصدر: عرب 48