Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

التهجير في الأغوار الشمالية في أخطر مراحله

“مخططات دولة الاحتلال لتهجير مواطني الأغوار بالضفة الغربية، وفرض السيادة الكاملة عليها ليست جديدة، وتعود جذورها إلى بدايات احتلال الأغوار قبل خمسة عقود، عبر مشاريع استيطانية كبرى كان أبرزها مشروع “ألون” الذي يعود للعام 1968، ومنذ ذلك الحين تتخذ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أساليب وذرائع مختلفة لذلك”.

تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”

في إطار ذلك استولت سلطات الاحتلال على غالبية أراضي الأغوار واستخدمت لذلك ذرائع مختلفة منها: أراضي الدولة، والمحميات الطبيعية، ومناطق إطلاق النار، وغيرها من المسميات التي تصب في نهاية المطاف في حرمان أصحاب الأرض منها ومنحها للمستوطنين.

معاناة أبو فراس تختزل الحكاية

تقرير لوكالة “وفا”، نُشر اليوم، السبت، يعرض “قصة” أحد الأهالي في تجمع أم الجمال في الأغوار الشمالية، و”ما يعانيه من عذابات” كونه “يصر على رفض تهجيره”.

يبدأ التقرير بالإشارة إلى أنه “وعلى مدار شهر كامل بعد تهجير مواطني تجمع أم الجمال في الأغوار الشمالية، ظل المواطن نبيل دراغمة، أبو فراس، المقيم على أطراف التجمع، وحيدًا يواجه عنف المستوطنين الإرهابيين، الذين لم يبقوا وسيلة إلا واتبعوها لحمله على الرحيل.

وأمام الإرهاب المتصاعد المدعوم من جيش الاحتلال الإسرائيلي اضطر “أبو فراس” في نهاية المطاف للرحيل قسرًا عن التجمع قبل أيام. وبينما كان يحزم ما بقي من متاعه القليل، لم يخفِ أبو فراس الحسرة التي يشعر بها، بعد أن كان يرفض فكرة الهجرة نهائيًا.

ويتابع التقرير: “وفي وصفه للتغيرات الكبيرة التي شهدتها منطقة أم الجمال مؤخرًا، والتي أدت في نهاية المطاف إلى اجبار مواطنيها على الرحيل، يقول “أبو فراس”: “أعرف هذه الأرض تمامًا كما أعرف اسمي، لكن ما جرى من تغيرات فيها خلال شهر واحد فقط لا يصدق”.

ويضيف: “زرع المستوطنون أعلام دولة الاحتلال داخل التجمع وعلى طول الطريق المؤدية إليه، في إشارة إلى أن هذه الأرض باتت لهم وأن لا وجود لأي فلسطيني فيها من الآن وصاعدًا”.

عائلات التجمع الـ14 اضطروا للرحيل نهائيًا

في الشهر الأخير قبل تهجير مواطني التجمع، أقام مستوطنون نواة بؤرة رعوية اتخذوها نقطة انطلاق لاعتداءاتهم على المواطنين على مدار الساعة، وكان يتناوب على هذه البؤرة عشرات المستوطنين من العديد من المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين في الأغوار والمناطق المحيطة.

منذ ذلك الحين بدأ أهالي التجمع رحلة عذاب طويلة جراء الاعتداءات اليومية والخطيرة والتي أدت في النهاية إلى تهجيرهم في فترة قياسية، حيث اضطرت عائلات التجمع الـ14 للرحيل نهائيًا منتصف شهر آب/ أغسطس الماضي، في حين آثر أبو فراس البقاء على أطراف التجمع رغم ما كان يتوقعه سلفًا من عذابات سيواجهها.

وبمرارة يتحدث عما عاناه خلال شهر كامل بعد تهجير سكان التجمع، حيث تعرض لضغوطات مضاعفة وواجه مخاطر حقيقية على حياته، فمع تهجير التجمع تركزت اعتداءات المستوطنين ليل نهار عليه وعلى مسكنه.

عن الأيام الأكثر رعبًا، يقول “أبو فراس”: “في غالبية الليالي كان المستوطنون يتحركون بشكل مريب حول المسكن، لم أكن أجرؤ على النوم خشية حدوث أمر خطير، خاصة أن عددًا من هؤلاء معروفون بتنفيذهم اعتداءات خطرة في مناطق أخرى”.

ولم يتوقف الأمر على اعتداءات المستوطنين وحدهم، حيث تعرض “أبو فراس” لتهديدات متواصلة من قوات الاحتلال، التي كانت تساند المستوطنين في مخططهم، كان أصعبها خلال الأيام الثلاثة الأخيرة التي سبقت رحيله.

بضغط من جيش الاحتلال

ويشير إلى أنه تعرض لتحقيق من جنود الاحتلال قبل أيام فقط لأنه قدم مساعدة لأحد الرعاة خلال مروره، فزوده بالمياه لسقاية مواشيه. في ذلك اليوم تعرض الراعي للملاحقة ولاحتجاز مواشيه وتعرض “أبو فراس” للتحقيق والتهديد من الجنود.

قبل يوم واحد من تهجيره بلغت هذه التهديدات ذروتها، عندما اقتحمت قوة من جيش الاحتلال مسكنه وقامت باعتقاله واقتياده معصوب العينين ومكبل اليدين إلى معسكر “المزوقح” على بعد عشرة كيلو مترات من مسكنه، وهناك قبع لساعات تعرض خلالها لضغوطات وتهديدات قبل الإفراج عنه، وأمام كل ذلك وجد نفسه مجبرا على الرحيل صبيحة اليوم التالي.

يقول: “بدأ المستوطنون مشروع تهجيري وعندما قاومت كل المحاولات تدخل الجيش لإجباري على الرحيل”.

و”أبو فراس” الذي يتابع آخر المستجدات والأخبار بشكل يومي جيدًا كما يتابع أعماله اليومية، كان يعي جيدًا أن هذه المرحلة هي الأصعب على أهالي الأغوار، فحكومة الاحتلال تأخذ على عاتقها إنهاء الوجود الفلسطيني في الأغوار، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت تطورات صعبة”، يلفت تقرير وكالة “وفا”.

ويضيف: “ابو فراس يرى أن كل ما جرى في تجمع أم الجمال وغيره من المناطق التي تم تهجيرها في الضفة مؤخرًا كان متوقعًا منذ تولي هذه الحكومة التي تمنح صلاحيات مطلقة للوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، وبدورهما يطلقان يد المستوطنين بشكل غير مسبوق في خطورته”.

85% منطقة محظورة للفلسطيني

معطيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” تشير إلى أن “إسرائيل تمنع الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة الأغوار وشمال البحر الميت وتستغلّ هذه المساحة لاحتياجاتها هي…”.

“ولعل أكبر ما شكل صدمة مؤخرًا، بحسب تعبير التقرير، أن حكومة الاحتلال وعلى رأسها نتنياهو انتقلت من مراحل تمرير مخططات الضم والتهجير سرًا إلى التصريح بذلك”.

يتابع التقرير: “لقد ظهر ذلك جليًا، خلال مؤتمر صحفي عقده نتنياهو مطلع الشهر الجاري حول حرب الإبادة التي يشنها على أبناء شعبنا في قطاع غزة. اللافت في الأمر أن نتنياهو عند عرضه خريطة فلسطين أسقط منها الضفة الغربية، وهو ما اعتبره محللون استشرافًا لشكل المرحلة المقبلة بتهجير الفلسطينيين وضم الضفة الغربية، وأول المناطق التي بدأت فيها مقدمات ذلك هي مناطق السفوح الشرقية والأغوار، حيث تشير معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أنه تم تهجير 27 تجمعًا سكانيًا بالضفة الغربية منذ بداية العدوان على غزة في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى الآن، تحت تهديد السلاح وبسبب عنف المستوطنين”.

في هذا السياق، يعتبر “أبو فراس” أن كل ما ينفذه الاحتلال بحق أهالي الأغوار منذ سنوات يهدف للوصول إلى هذه المرحلة، فحكومة المستوطنين، كما يصفها، لا تريد أي وجود فلسطيني في المنطقة، وعلى خرائطها لا يوجد إلا المستوطنات، وكل ذلك تطبقه الحكومة بزعامة نتنياهو وسموتريتش وبن غفير”.

ويتابع: “ما نشهده في الآونة الأخيرة يعادل جميع ما شهدناه على مدار عقود، وكأن الاحتلال يريد إنهاء هذا المشروع الآن”.

“ليست مجرد صدفة”

بدوره، يعقب المختص بالشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، على إسقاط الضفة الغربية من خريطة نتنياهو التي عرضها مؤخرًا، بالقول إنه لا يمكن اعتبار ذلك مجرد صدفة، فالمعروف عن نتنياهو أنه يهتم بأدق التفاصيل في ظهوره الإعلامي، وبالتالي فإن لذلك دلالات خطيرة، وخاصة في ظل الظرف العام في الضفة المتزامن مع العدوان على غزة.

ويضيف، في تصريحات ينقلها التقرير، أن “شطب الإنسان من الخريطة هو مقدمة لشطبه من أرض الواقع، وهو تمهيد للعالم لتقبل فكرة عدم وجود الفلسطينيين، حيث استغل نتنياهو المتابعة الدولية العالية لمؤتمره لتمرير هذه الخريطة والفكرة من ورائها”.

وعن تطور تطبيق مشاريع التهجير وضم الضفة ومناطق الأغوار بين الماضي والحاضر، يقول منصور إن الاحتلال في السابق كان يتحدث عن ضم مناطق معينة وبذرائع معينة أما الآن هناك حديث عن الضم الشامل للضفة، وخاصة أن برنامج الحكومة اليمينية الحالية قائم على فكرة “أرض إسرائيل كاملة”، كما أن وزراءها وأحزابهم يتبنون مشاريع لحسم الصراع من خلال تعزيز الاستيطان وإنكار حل الدولتين، وكل ما يجري خلال الأشهر الأخيرة من تهجير تجمعات بدوية هو بمثابة خلق الأرضية المناسبة لشطب أفق الحل السياسي، وتبني مشروع التطهير العرقي.

ضم بأشكال متنوعة

وينوه إلى أن ضم الضفة قد يتخذ أشكالاً عدة ومنها ترحيل تجمعات معينة كما حدث في السفوح الشرقية، كما قد تعمل حكومة الاحتلال على إكمال ذلك من خلال إجراءات متعلقة بخلق ظروف صعبة وقسرية طاردة لتجمعات أخرى مثل الإفقار، أو التضييق على سكان الأرياف ودفعهم باتجاه المدن.

ويتابع: “في السيناريوهات القادمة إما أن يصبح الفلسطينيون خارج هذه الأراضي، أو يقلص عددهم، أو يتم إبقاؤهم في الأراضي وضمها والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الرابعة دون حقوق سياسية”.

كما يشير إلى أن منطقة الأغوار هي المنطقة الأكثر استهدافًا منذ عقود بمشاريع الاستيلاء والضم وتوسيع رقعة الاستيطان، وبلغت هذه المخططات ذروتها مع الحكومة الحالية.

“ما يجري معجزة”

ويؤكد أن حكومة الاحتلال الحالية بزعامة نتنياهو لم تحقق فقط قفزات في مجال توسيع الاستيطان وإنما قطعت شوطًا كبيرًا، لدرجة أن وزيرة الاستيطان وصفت ما يجري بالمعجزة، فهذه الحكومة لم تتوقف عند التخطيط والتنظير وانتقلت للتجسيد من خلال خلق وقائع يصعب تغييرها.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *