Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

معاناة متصاعدة وقيود مشددة على الفلسطينيين

وسط حواجز عسكرية كثيفة وقيود أمنية مشددة، تحول قلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من عام إلى ما يشبه “سجنا مفتوحا”، حيث تفرض إسرائيل حصارا خانقا يقيد حركة الفلسطينيين ويعزلهم عن حياتهم الطبيعية، خاصة في أيام السبت من كل أسبوع وفي فترات الأعياد اليهودية.

تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”

ومع تزايد الضغوط اليومية والاعتداءات المستمرة من المستوطنين والجيش الإسرائيلي، تتحول المدينة التاريخية إلى مسرح لمعاناة مستمرة تدفع الفلسطينيين نحو الرحيل القسري. وتحت غطاء الحرب التي يشنها على غزة، عزز الجيش الإسرائيلي قواته في محيط الحرم الإبراهيمي والبؤر الاستيطانية المتناثرة بين المساكن الفلسطينية وسط الخليل، وأغلق شوارع وأزقة تصل بين بيوت وأحياء المدينة.

ومع حلول الأعياد اليهودية في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، ازدادت الضغوط، وتحول السكان إلى سجناء في منازلهم وقيدت إسرائيل حريتهم في الحركة والتنقل. ووفق اتفاق الخليل عام 1997 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، قُسمت الخليل إلى منطقتين: “خ-1″ وتخضع لسيطرة فلسطينية، و”خ-2” وتخضع لسيطرة إسرائيلية، وتُقدر الأخيرة بنحو 20٪ من مساحة المدينة، وتقع فيها البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي.

حظر التجول

وفي الشهور الأولى لحرب الإبادة في غزة، فرض الجيش الإسرائيلي على أهل الخليل حظرا كاملا للتجوال، بدأت تخف حدته تدريجيا ليتحول إلى حظر أيام السبت من كل أسبوع، وخلال الأعياد اليهودية؛ إذ يتوجب على الفلسطينيين المكوث بمنازلهم.

(Getty Images)

وبالتزامن مع إجراءات الجيش، صعد المستوطنون الإسرائيليون من اعتداءاتهم على الفلسطينيين بما في ذلك مهاجمة البيوت وتسميم الأغنام كما حصل في حادثتين منفصلتين خلال أيلول/ سبتمبر الماضي.

إغلاق واعتداءات

وعن تلك المعاناة، يقول عماد أبو شمسية، وهو من حي تل الرميدة، إن عائلته كبقية العائلات في المنطقة المغلقة “تعيش ظروفا صعبة وقيودا على الحركة”.

وعن الاعتداءات على الأهالي أثناء مرورهم من الحواجز العسكرية الإسرائيلية من وإلى بيوتهم، قال إنها تتنوع بين “ضرب وتنكيل وإهانة للأطفال وتفتيش يدوي استفزازي وتحرش جنسي بالأطفال والفتيات”.

واعتبارا من مساء الجمعة من كل أسبوع، تفرض إسرائيل على أهالي الخليل حظرا للتجول بسبب دخول السبت، وهو يوم عطلة أسبوعية لليهود.

وأوضح أبو شمسية: “نُمنع من الحياة الطبيعية في يوم السبت من كل أسبوع بما في ذلك الخروج حتى في ساحة المنزل أو الوقوف على النوافذ، كل شيء يتوقف ونبقى رهائن للحبس المنزلي”.

ولفت إلى أن “كثير من العائلات الفلسطينية اضطرت لمغادرة قلب الخليل بسبب القيود الإسرائيلية، خاصة تلك التي لديها أبناء في الثانوية العامة أو الجامعات”، مبينا أن هؤلاء لجأوا إلى بيوت أقارب لهم بعيدة عن منطقة الإغلاق.

ويشير المواطن الفلسطيني إلى أن معاناتهم لا تتوقف عند هذا الحد؛ فـ”المستوطنون يقتحمون المنازل بلباس الجيش، وينكلون بالمواطنين، ويجرون أعمال تفتيش وتخريب ومصادرة للهواتف النقالة بدون سبب”.

ويشتكي أبو شمسية من الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون وسط الخليل لتوفير سبل العيش واحتياجات أسرهم، وذلك جراء القيود الإسرائيلية.

(Getty Images)

ويقول بهذا الصدد إن كل شيء يتم شراؤه بكميات قليلة وبأحجام صغيرة “حتى نتمكن من إدخالها عبر حواجز التفتيش العسكرية والبوابات الإلكترونية بها”.

ولم تؤثر الإجراءات على الحركة فحسب بل ألقت بظلالها على العلاقات الاجتماعية، فبينما تتمكن ابنتا أبو شمسية المتزوجتان خارج المنطقة المغلقة من زيارة العائلة، فإنه لا يسمح لزوجيهما بالدخول.

ويوضح أبو شمسية أن السلطات الإسرائيلية فرضت تثبيتا لأسماء سكان الخليل وفق قوائم بالأرقام، وتمنع دخول كل من هو خارج القائمة ولا يحمل رقما.

ومع حلول عيد “العرش اليهودي” الذي بدأ الخميس ويستمر أسبوعا، فإن أبو شمسية كباقي العائلات، يشعر بالقلق ويتهيأ للمكوث طويلا في المنزل.

مزيد من الحواجز

من جهتها، تقول لجنة إعمار الخليل (حكومية فلسطينية وظيفتها تثبيت السكان وترميم البيوت القديمة) إن الجيش الإسرائيلي أضاف حواجز جديدة في قلب المدينة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تضاف إلى أكثر من 100 حاجز وعائق ونقطة عسكرية كانت موجودة من قبل.

ويقول مدير اللجنة، مهند الجعبري، إن “الاحتلال بدأ إجراءاته بحظر التجول داخل الأحياء، والآن يقتصر حظر التجول على أيام السبت والأعياد اليهودية”.

(Getty Images)

ويذكر من الإجراءات المتبعة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي “منع مغادرة المنازل قبل الساعة السادسة صباحا، ومنع العودة إليها لمن غادروها بعد العاشرة ليلا”.

ويشير إلى “جولات استفزازية كثيفة للمستوطنين في البلدة القديمة أيام السبت من كل أسبوع، يترتب عليها إغلاق المتاجر وشل الحركة التجارية في الخليل”.

ويحذر من “ممارسة الضغوط على المواطنين لدفعهم إلى الخروج من البلدة القديمة بالخليل وإخلائها ضمن سياسة تهجير يخطط لها الاحتلال”.

ويلفت الجعبري إلى تراجع أعداد المصلين بشكل كبير في المسجد الإبراهيمي طوال العام الماضي وتكرار منع رفع الأذان، وإغلاق محيطه في أي حدث أمني في المحافظة حتى لو كان بعيدا عنه.

ومنذ 1994 قسّمت إسرائيل المسجد بواقع 63٪ لليهود، و37٪ للمسلمين، عقب مذبحة ارتكبها مستوطن أسفرت عن استشهاد 29 مصليا، وفي الجزء المخصص لليهود تقع غرفة الأذان.

ويقدر الجعبري عدد المواطنين المتأثرين مباشرةً ويوميا بالإجراءات الإسرائيلية بالمناطق المغلقة بنحو 4500، يرتفع العدد إلى 8500 عند الحديث عن كامل البلدة القديمة.

(Getty Images)

وتطرق إلى المداهمات الليلية للبيوت حيث تم إخضاع السكان وهواتفهم ومنازلهم للتفتيش والاعتداء عليهم بشكل شبه يومي.

وخلص إلى أن “سكان البلدة القديمة والأحياء المحيطة بالمسجد الإبراهيمي يحتاجون إلى حماية وأمن، فضلا عن دعم إنساني وإسناد مادي، خاصة مع فقدان كثيرين منهم أعمالهم نتيجة عدم تمكنهم من الوصول إليها”.

خطر التهجير

وبداية آب/ أغسطس الماضي، نشرت منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية تقريرا عنونته بـ”حياة محتلة: خطر التهجير القسري للفلسطينيين في الخليل”، يرصد الواقع المرير وسط المدينة.

وسلطت المنظمة الضوء على تفاصيل التدهور السريع في حصول فلسطينيي الخليل على الرعاية الطبية؛ بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل والعنف الذي يرتكبه الجنود والمستوطنون.

وضمن التقرير، قالت مديرة الشؤون الإنسانية بالمنظمة، فريدريكه فان دونغن: “تتسبب القيود المفروضة على الحركة والمضايقات والعنف من قبل القوات والمستوطنين الإسرائيليين بمعاناة هائلة غير ضرورية للفلسطينيين في الخليل”.

وشددت على أن “لهذا الأمر تأثير كارثي على صحة الناس النفسية والجسدية”، علما بأنه تنتشر في قلب الخليل عدة بؤر استيطانية يسكنها نحو 500 مستوطن، وسط انتشار عسكري لمئات الجنود.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *