ماكرون يجدّد دعم “سيادة” الرباط على الصحراء الغربيّة
قال ماكرون “أعيد التأكيد أمامكم، بالنسبة لفرنسا حاضر ومستقبل هذه المنطقة، يندرجان في إطار السيادة المغربية”. وأضاف: “أقولها أيضا بكل قوة، الفاعلون الاقتصاديون وشركاتنا سوف يرافقون تنمية هذه المنطقة، عبر استثمارات ومبادرات دائمة وتضامنية لصالح سكانها”.
الرئيس الفرنسي، ماكرون (Getty Images)
جدّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في خطاب أمام البرلمان المغربي، اليوم الثلاثاء، التأكيد على تأييد بلاده “لسيادة” الرباط، على الصحراء الغربية، ووعد باستثمارات فرنسية في الإقليم المتنازع عليه، غداة إبرام البلدين عقودا بقيمة تناهز 10 مليارات يورو.
وقال ماكرون “أعيد التأكيد أمامكم، بالنسبة لفرنسا حاضر ومستقبل هذه المنطقة، يندرجان في إطار السيادة المغربية”.
وأضاف: “أقولها أيضا بكل قوة، الفاعلون الاقتصاديون وشركاتنا سوف يرافقون تنمية هذه المنطقة، عبر استثمارات ومبادرات دائمة وتضامنية لصالح سكانها”.
وأتاح هذا الموقف، الذي سبق لماكرون إعلانه في رسالة للملك محمد السادس نهاية تموز/ يوليو، فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين، بعد سلسلة من التوترات الحادة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، تزامنا مع ضغط المغرب على فرنسا، لتحذو حذو واشنطن التي أعلنت أواخر عام 2020 اعترافها بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.
لكنّ الأولوية التي خصّ بها الرئيس الفرنسي الجزائر بعد إعادة انتخابه في 2022، بينما قطعت الأخيرة علاقاتها مع المغرب منذ عام 2021، قد زادَ من توتّر العلاقات بين الرباط وباريس.
وتشكل الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي تصنفها الأمم المتحدة ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، محور نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، منذ نحو نصف قرن.
وقال ماكرون، الذي بدأ الإثنين، زيارة دولة إلى الرباط، إن الموقف الفرنسي “ليس عدائيا تجاه أحد”، وأنه “يتيح فتح صفحة جديدة بيننا، وأيضا مع كل أولئك الذين يريدون العمل في إطار تعاون جهوي”.
وكانت الجزائر، قد أعربت مطلع آب/ أغسطس عن رفضها الموقف الفرنسي المؤيد للمغرب، واستدعت سفيرها في باريس للتشاور.
ووصف ماكرون الموقف الفرنسي، بأنه “متجذر في التاريخ، يحترم الواقع ومتطلع للمستقبل”، معلنا أن بلاده “سوف تقوم بتفعيله لمرافقة المغرب في المؤسسات الدولية”.
وشكر رئيس مجلس النواب، رشيد طالبي علمي، فرنسا على “موقفها التاريخي”، فيما عدّ رئيس الغرفة الثانية للبرلمان محمد ولد الرشيد، أنه “يشكل لحظة فاصلة في مسار التطور الإيجابي للحل النهائي لهذه القضية”.
وبالنسبة إلى المغرب، يعدّ هذا الاعتراف الرهان الأساس لتطبيع علاقاته مع فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن الذي يصدر قرارات سنوية بشأن هذا النزاع.
وفي نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جدّد مجلس الأمن الدولي دعوة أطراف النزاع إلى “استئناف المفاوضات” للتوصّل إلى حلّ “دائم ومقبول من الطرفين”.
لكن المغرب يشترط التفاوض فقط حول مقترح الحكم الذاتي. فيما تعارض الجزائر استئناف المفاوضات، على غرار تلك التي نظّمها في سويسرا المبعوث الأممي السابق الألماني، هورست كولر، الذي استقال من منصبه في العام 2019، بسبب عدم إحرازه نتائج.
من جانب آخر دعا ماكرون في خطابه أمام البرلمانيين المغاربة إلى “تعاون طبيعي وسلس”، يحقق “نتائج أوضح” بخصوص مسألة الهجرة غير النظامية.
وتحظى هذه المسألة باهتمام كبير لدى الجانب الفرنسي، إذ يريد وزير الداخلية الجديد الذي يعتمد نهجا صارما بهذا الخصوص، دفع المغرب إلى استعادة مواطنين أوقِفوا لإقامتهم بطريقة غير نظاميّة في فرنسا.
كذلك أعلن ماكرون أن عقودا جديدة سيتم إبرامها، اليوم الثلاثاء، بين البلدين، حيث يقام منتدى لرجال الأعمال بمناسبة زيارته المغرب، ووصف الشراكة بينهما بكونها “واجبا إستراتيجيا”.
وليل الإثنين، أبرم البلدان عقودا واتفاقات استثمار، بقيمة تناهز 10 مليارات يورو، في حفل ترأسه قائدا البلدين في قصر الضيافة بالرباط.
وتشمل هذه الاتفاقات ميادين عدة، بينها النقل بالسكك الحديد، إذ تأكدت مشاركة الشركتين الفرنسيتين “ألستوم” و”إيجيس” في الشطر الثاني للخط الفائق السرعة بين طنجة ومراكش.
وستفاوض “ألتسوم” الجانب المغربي على تزويده نحو 12 إلى 18 عربة قطار فائق السرعة، وفق ما أفادت مصادر مطلعة.
وكانت فرنسا تأمل في أن تبقى الطرف الرئيس في توسيع خط القطارات السريعة، بعدما حظيت بصفقة بناء المرحلة الأولى بين طنجة والدار البيضاء. والخط وهو الأول في إفريقيا دشّنه قائدا البلدين في 2018.
ويُنتظر أن تسرّع مشاركة المغرب في تنظيم مونديال 2030 لكرة القدم مع إسبانيا والبرتغال في إنجاز هذا المشروع، وفق وسائل إعلام مغربية.
من جانب آخر وقّع البلدان اتفاقا “لتفعيل عرض المغرب في قطاع الهيدروجين الأخضر” بين شركة “توتال إنرجي” والحكومة المغربية. وتراهن الأخيرة على التموقع في السوق الدولية لهذه المادة، وأعلنت الأسبوع الماضي أنها تلقت 40 مقترحات مشاريع ستخضع للانتقاء لاحقا، وجلها في منطقة الصحراء الغربية.
كذلك، أُعلِن عن اتّفاق بين عملاق الطيران الفرنسي سافران والحكومة المغربيّة لإنشاء “وحدة لصيانة محرّكات الطائرات وإصلاحها”، إذ إنّ المغرب عمل في السنوات الأخيرة على تطوير صناعة أجزاء الطائرات لتنويع صادراته.
فيما أعلنت شركة الملاحة البحرية الفرنسية “سي إم إي سي جي إم”، الإثنين، إبرام شراكة لاستغلال رصيف الحاويات في ميناء الناظور، مناصفة مع شركة مارسا ماروك المغربية لمدة 25 عاما.
وحظي ماكرون باستقبال فخم حيث رافقه الملك محمد السادس، الذي كان يتكئ على عصا، من مطار الرباط سلا حتى القصر الملكي، في سيارة مخصصة للمراسم عبرت شوارع رئيسة بالعاصمة، زُيّنت بأعلام البلدين.
المصدر: عرب 48