الموت والخوف في رحلة نزوح جديدة للفلسطينيين
“بعد دقائق خرج بعض الشبان في الحارة فتم استهدافهم من الجيش الإسرائيلي ما أسفر عن استشهاد 10 بينهم أطفال، كانوا عبارة عن قطع لحمية وأشلاء”.
طفلة في غزة (Getty images)
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، عملية التهجير القسري للفلسطينيين من بلدة بيت لاهيا بمحافظة شمالي قطاع غزة التي تتعرض لإبادة وتطهير عرقي منذ أكثر من شهر.
ومع ساعات الصباح الباكر، ألقى جيش الاحنلال عبر طائراته منشورات ورقية على مناطق وأحياء سكنية في بلدة بيت لاهيا تنذر سكانها بالإخلاء الفوري.
تزامن إلقاء تلك المنشورات مع قصف إسرائيلي وإطلاق للنيران استهدف هذه المناطق بشكل عشوائي. وخشية من الاستهداف والقتل المتعمد، اضطر مئات الفلسطينيين لحمل أمتعتهم القليلة والنزوح إلى خارج محافظة الشمال عبر طريق حدده الجيش يمر بأحد حواجزه.
ووثق النزوح الجماعي لمئات الفلسطينيين من البلدة وسط حالة من الخوف والتعب جراء سوء التغذية التي عانوا منها في المحافظة التي تشهد حصارا إسرائيليا متواصلا تمنع على إثره إمدادات الطعام والمياه إلى المحافظة.
وسار الأطفال الذين كان بعضهم حفاة الأقدام جنبا إلى جنب أفراد عائلاتهم تاركين وراءهم منازلهم وأماكن نزوحهم ومتوجهين إلى المجهول بمدينة غزة.
الموت على الحاجز
وتقول انتصار أبو دراغمة، وقد بدت على وجهها ملامح التعب والحزن: “في ساعات الصباح، ألقى علينا الجيش منشورات للإخلاء واستجبنا لذلك ونزحنا”.
وتابعت بعدما وصلت غزة بعد رحلة نزوح صعبة: “بعد دقائق خرج بعض الشبان في الحارة فتم استهدافهم من الجيش الإسرائيلي ما أسفر عن استشهاد 10 بينهم أطفال، كانوا عبارة عن قطع لحمية وأشلاء”.
وأوضحت أن زوجها المريض فقد حياته على الحاجز الذي نصبه الجيش الإسرائيلي على الطريق الذي حدده، وذلك لغرض التفتيش، ويحتجز فيه الرجال ويجري معهم تحقيقات.
وأشارت إلى أن الجيش منع أبناءه من اصطحابه للمستشفى بمدينة غزة في حين واصلوا عملية التفتيش معهم بينما والدهم كان قد فارق الحياة في الحاجز.
بدوره، يقول أحد الفلسطينيين (لم يذكر اسمه) الذين رافقوا زوجها، إنه توفي بسبب رحلة النزوح الصعبة وانعدام توفر المياه والطعام. وتابع: “طلب شرب الماء فلم نجد فتوفي على الفور، والجيش لم يقدم لنا المساعدة”.
وفي وقت سابق، أفاد شهود عيان بوفاة مسنين فلسطينيين مريضين أثناء انتظارهما على حاجز إسرائيلي شرقي جباليا شمال قطاع غزة، إثر احتجازهما مع فلسطينيين آخرين لساعات طويلة منذ، صباح الثلاثاء.
وقال الشهود آنذاك، إن المسنين “وهما مريضان ومقعدان على كراسٍ متحركة، توفيا بعد ظهر اليوم، أثناء مرورهما وعائلتيهما مع أعداد من النازحين من بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، عبر حاجز تفتيش إسرائيلي في محيط منطقة (الإدارة المدنية) شرقي مخيم جباليا، إثر احتجاز دام ساعات منذ صباح اليوم”.
وبحسب الشهود، فقد انتظر النازحون، ومن بينهم المسنان المقعدان، لساعات طويلة تحت أشعة الشمس وفي ظروف قاسية من التنكيل على حاجز التفتيش الإسرائيلي، للسماح لهم بالمرور بعد إنذارات إسرائيلية لسكان المنطقة بالإخلاء.
وأما العائلة الثانية المكونة من 5 أشخاص بينهم 3 أطفال، والتي فقدت معيلها الأساسي هي الأخرى، فقد نزحت من بيت لاهيا استجابة للإنذارات الإسرائيلية.
وتقول زوجة الفلسطيني المتوفي والتي لم يسعفها الموقف لذكر اسمها، إنه كان يعاني من أمراض في القلب والضغط والسكري.
وأضافت وهي تبكي كما أطفالها، “لم يتحمل مشقة وتعب الطريق فمات والآن لم يتبق لي إلا الأطفال الثلاثة”.
وتم نقل الفلسطينيين المتوفين إلى المستشفى الأهلي المعمداني شرق مدينة غزة عبر سيارات إسعاف، بعدما وصل بهم ذووهم إلى مشارف المدينة.
نزوح وسط الخوف
كما قال أحد النازحين (لم يفصح عن اسمه)، إنهم “خرجوا من منازلهم خائفين من الموت والقصف”. وتابع: “وقفنا على الحاجز وكان هناك تفتيش بالكامل وطرح بعض الأسئلة منها الاسم بالكامل”. ويعتقد هذا الفلسطيني أن سياسة إسرائيل من تهجير الفلسطينيين تهدف لـ”إفراغه من سكانه وإعادة احتلاله”.
كما قال شهود عيان، خرجوا لتوهم من بلدة بيت لاهيا ووصلوا مدينة غزة، إنهم أمضوا شهرا بلا طعام ولا شراب.
وتابعوا: “محافظة الشمال معدومة (من مقومات الحياة والطعام والشراب)”.
وبدأ الجيش في 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قصفا غير مسبوق على مناطق شمال القطاع، قبل أن يجتاحها بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها”، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجيرهم.
وفرض الجيش الإسرائيلي بالتزامن مع هذه العملية حصارا مشددا على المحافظة مانعا الدخول والخروج إليها أو من أي منطقة أخرى لمخيم جباليا، إلا عبر حواجز نصبها حيث يتم تفتيش المواطنين النازحين لغزة والجنوب، أو الوفود الطبية القليلة الوافدة إلى الداخل من منظمة الصحة العالمية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإجلاء مصابين.
كما تسببت هذه الإجراءات المشددة بإخراج المنظومة الصحية عن الخدمة، وتوقف خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.
المصدر: عرب 48