إستراتيجية إسرائيل بسورية هي بقاء نظام الأسد بالحكم ضعيفا
الإستراتيجية الإسرائيلية مستمرة طوال فترة الحرب الأهلية في سورية، “ولا يرصدون في إسرائيل حاليا خطرا داهما مباشرا، لكن في المدى البعيد يوجد خطر متطور”، ومصلحة تركيا وإسرائيل باستمرار “سيطرة النظام في جيبين حول دمشق وحول اللاذقية وطرطوس”
عناصر المعارضة المسلحة في حماة، أمس (Getty Images)
أشار محللون عسكريون إسرائيليون اليوم، الجمعة، إلى أنه في ظل التطورات الحاصلة في سورية، بعد هجمات فصائل المعارضة واحتلالها مناطق مركزية كانت تحت سيطرة النظام في شمال ووسط سورية، وأبرزها مدن حلب وحماة وحمص، لا تزال الإستراتيجية الإسرائيلية كما كانت طوال الحرب الأهلية في سورية، وهي بقاء نظام بشار الأسد، ولكن ضعيفا جدا.
وحسب المحلل العسكري في القناة 13، ألون بن دافيد، فإنه “ليس لدى إسرائيل أي مصلحة برؤية نسل تنظيم القاعدة يسيطرون على سورية”، في إشارة إلى “هيئة تحرير الشام” التي في طليعة هجوم المعارضة المسلحة، “بل على العكس، إسرائيل تتطلع إلى استمرار حكم الأسد المستضعف وإبعاده عن المحور الشيعي”.
وأضاف بن دافيد في مقاله الأسبوعي في صحيفة “معاريف”، أن “السؤال هو كيف بالإمكان دفع هذا التطلع في الوضع الجديد الحاصل في سورية، وما هي حدود إسرائيل التي بعد تجاوزها ستضطر إلى التدخل”.
ولفت إلى أنه “حتى الآن لم تجر مداولات بمستوى إستراتيجي لتحديد أهداف إسرائيل في الوضع الجديد في سورية”.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أنه “لا يرصدون في إسرائيل حاليا خطرا داهما مباشرا إثر الوضع في سورية، وراضون جدا من الحرج الذي لحق بإيران”.
إلا أنه أضاف أنه “في المدى البعيد يوجد خطر متطور، في هضبة الجولان وفي المستقبل عند حدود الأردن أيضا. وشكلت القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، وحدة جديدة في قوات الاحتياط في الجولان، كي تُستخدم في المستقبل كقوة رد سريع في ظروف كهذه. وفي موازاة ذلك، جرى تعزيز الفرق المتأهبة في البلدات وأجريت تحسينات في الجدار على طول الحدود السورية” في الجولان المحتل.
والتخوفات الإسرائيلية من التطورات في سورية، حسب هرئيل، هي “هجمات مفاجئة تشنها منظمات متطرفة، فيما المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية حول نشاطها والقدرة على إدراك اعتباراتها محدودة نسبيا”.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، إلى ثلاثة تهديدات على إسرائيل إثر التطورات في سورية. التهديد الأول يتعلق باحتمال “سقوط أسلحة، وخاصة صواريخ وربما سلاح كيميائي، الموجودة في شمال ووسط سورية بأيدي المتمردين الجهاديين في الأيام أو الساعات المقبلة، إن لم تكن قد سقطت بأيديهم فعلا”.
واعتبر أن “هذه الأسلحة في منطقة حلب والقواعد العسكرية حولها، وخاصة مجمع الصناعات العسكرية السورية في منطقة بلدة السفيرة الواقعة جنوب شرق حلب، قد توجه نحونا عاجلا أو آجلا”.
وأضاف بن يشاي أن التهديد الثاني “نابع مباشرة من ضعف جيش النظام السوري ومن حقيقة أن روسيا ليست قادرة على الدفاع عن نظام الأسد مثلما دافعت عنه في العام 2015. والقصف الجوي الروسي لم ينجح في منع احتلال حلب، وأخّر ليوم واحد احتلال مدينة حماة في وسط سورية”.
وتابع أنه “نتيجة لضعف جيش سورية والمساعدات العسكرية الروسية الضئيلة، لا مفر أمام نظام الأسد سوى الحصول على المساعدة التي يقدمها الإيرانيون له، من خلال نقل قوات إلى سورية، مؤلفة بالأساس من مقاتلين شيعيين أفغان وباكستانيين، تقودهم عناصر الحرس الثوري الإيراني، كما طلبت إيران وحصلت على عدة مئات من عناصر حزب الله الذين انتقلوا من لبنان إلى سورية لمساعدة نظام الأسد، دون نجاح حتى الآن”.
وحسب بن يشاي، فإنه “لدينا مشكلة مع هذه الميليشيات ومع عناصر حزب الله الذي دخلوا إلى سورية، لأن بإمكانهم أن يشكلوا تموضعا إيرانيا عسكريا بواسطة أذرعها في الدولة، ومن شأن هذه الميليشيات أن تبقى في سورية وأن ينشرها الإيرانيون عند الحدود مع إسرائيل. وبإمكانهم أيضا أن يعملوا من الأراضي السورية بواسطة إطلاق قذائف صاروخية وصواريخ وتوغلات برية إلى بلدات (المستوطنات الإسرائيلية) في هضبة الجولان”.
وأضاف أن “إمكانية ضعف النظام في سورية سيسمح للميليشيات الموالية لإيران بالاستقرار عسكريا في سورية وعند الحدود مع إسرائيل وتهريب أسلحة إلى لبنان من أجل تسليح حزب الله مجددا، هي الإمكانية التي تثير القلق الأكبر في إسرائيل في الوضع الحالي”.
وحسب بن يشاي، فإن “التهديد الثالث هو أن ينهار نظام الأسد، وعندها ستتحول سورية إلى دولة فاشلة أخرى مثل اليمن ولبنان وغزة، وأن يشكل الإيرانيون فيها ويمولون جيشا إرهابيا هدفه العمل ضد إسرائيل”.
واعتبر أن “صوملة سورية (أي تحويلها إلى دولة شبيهة بالصومال)، بحيث تكون فيها قوات جهادية سنية وشيعية عند حدود إسرائيل، هي مشكلة من شأنها التهديد على بلدات الجولان والجليل الشرقي”.
وأضاف بن يشاي أن “للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أيضا توجد مصلحة بأن لا ينهار نظام الأسد بالكامل، وإنما أن يستمر بالسيطرة في جيبين صغيرين، الأول حول دمشق والثاني حول اللاذقية وطرطوس، ولن يتمكن من إلحاق أضرار منها بتركيا وإسرائيل”.
المصدر: عرب 48