تجربة سائحة تونسية عن السفر مع طفليها إلى بالي ولنكاوي

السياحة العائلية هي واحدة من أبرز أنواع السفر حالياً، فهي تعزز الروابط العائلية وتوفر لأفراد الأسرة فرصاً عدة لخوض تجارب تجمع بين المتعة والاستكشاف.
من الحدائق العامة والمتنزهات الترفيهية والشواطئ الخلابة إلى المدن التاريخية والمعالم الثقافية، تتنوع الوجهات السياحية التي ترضي العائلات.
مريم الأسود مسافرة تونسية ومقيمة في فرنسا، تفضل السفر مع عائلتها، الأمر الذي يشعرها بالأمان والراحة والمتعة، إضافة إلى أن السفر العائلي يخلق ذكريات لا تُقدَّر بثمن، ويعزز علاقة الوالدين بأطفالهم. وفي هذا الإطار، تقول مريم إن “من خلال المغامرات التي نخوضها معاً واكتشاف العالم يداً بيد، تصبح علاقتنا أكثر عمقاً وودية، لدرجة أننا لا نكون مجرد أم وأبناء، بل أصدقاء نتشارك التجارب واللحظات التي تبقى محفورة في ذاكرتنا مدى الحياة”.
متعة السفر رفقة الأولاد
بحسب مريم إن المتعة الحقيقية في السفر مع طفليها تكمن في رؤيتهم يندهشون ويستمتعون ويتعلمون من كل تجربة جديدة. فهي تشعر بسعادة غامرة عندما تراهم يسألون عن أشياء لم يروها إلا خلال رحلاتهم معاً، وعند المغامرة معاً وخوض تجارب غريبة أو مليئة بالتحديات. أكثر اللحظات سحراً بالنسبة لمريم هي تلك التي توثق فيها ردود أفعال طفليها وضحكاتهما العفوية ودهشتهما، وحتى لحظات شجاعتهما. وفي هذا الإطار، تقول: “عندما أعود بعد سنوات إلى تلك الصور والفيديوهات، يغمرني الامتنان لأنني خضت هذه الرحلات وتحديت كل الصعوبات لأمنح طفلي هذه الذكريات التي سترافقهما دائماً. هذا ليس مجرد سفر، بل هو استثمار في طفولتهما وفي علاقتنا العائلية”.
وتذكر مريم أن “اختيار الوجهة يعتمد على عدة عوامل، وأسلوبنا في اتخاذ القرار تطور مع الوقت، خاصة مع كبر طفليّ واهتمامهما بالسفر. عندما كان طفلي الأول صغيراً، كنت أنا وزوجي نختار الوجهة بناءً على رغباتنا، ميزانيتنا، والوقت المتاح لنا. إذا كنا نملك فقط أسبوعاً، كنا نفضل زيارة وجهات قريبة داخل أوروبا لتجنب إرهاق السفر الطويل. لكن بغض النظر عن الوجهة، كانت رحلاتنا دائماً استكشافية ومليئة بالمغامرات، لأننا لا ننتمي إلى النوع الذي يسافر فقط من أجل الراحة، بل نرى السفر كطريقة لاسكتشاف العالم وخوض تجارب غير مألوفة.
مع مرور الوقت، لاحظت أن طفلي أصبح أكثر اهتماماً بالسفر. في سن الخامسة، بدأ يطرح أسئلة عن وجهتنا المقبلة، وماذا يميزها، ومتى ستكون الرحلة. عند بلوغه السادسة، قررت أن أشركه في تنظيم الرحلات بطريقة ممتعة وتعليمية. نختار الوجهة معاً، ثم أطلب منه أن يبحث (تحت إشرافي) عن أهم المعالم والأماكن التي يمكننا زيارتها، ويكتب برنامجاً كاملاً في مذكرته. وعندما يحين وقت السفر، يكون متحمساً لأنه متشوق لرؤية الأماكن التي بحث عنها بنفسه. بهذه الطريقة، لا يكون السفر مجرد تجربة ترفيهية، بل يصبح أيضاً فرصة لاكتساب المعرفة، تعزيز حس الاستكشاف لديهم، وتنمية مهارات البحث والتنظيم منذ الصغر”.
نقاط أساسية عن التخطيط للرحلة العائلية

عند التخطيط لرحلة عائلية، هناك عدة أساسيات لا يمكن تجاهلها لضمان راحة وأمان الجميع، خاصة مع الأطفال.
فبحسب مريم، الأمر الأول الذي تراعيه هو اختيار وجهة آمنة، وخالية من النزاعات، ومستقرة صحياً، وألّا تكون ملوثة حتى لا تعرض طفليها للخطر. كما تحرص على أن تكون البنية الطبية متوافرة، بحيث لا يجدوا أنفسهم في مكان ناءٍ من دون مستشفى أو صيدلية قريبة عند الحاجة.
جانب آخر مهم هو تحضير حقيبة طبية مخصصة للسفر، تحتوي على كل ما قد تحتاجه وعائلتها من أدوية أساسية، مثل: خافض الحرارة، جهاز قياس الحرارة، الأدوية الخاصة باضطرابات الجهاز الهضمي، وعلاجات الإسهال. وعند السفر إلى وجهات بعيدة، مثل بعض دول آسيا، تبحث مسبقاً عن أي تطعيمات ضرورية وتتأكد من اصطحاب رذاذ الحماية من البعوض الاستوائي وواقي الشمس عالي الحماية.
الأنشطة والبيئة المناسبة للأطفال تأتي في المرتبة التالية، حيث تحرص على اختيار أماكن تناسب احتياجات عائلتها وتوفر لهم المتعة. أما بالنسبة للطعام، فهذه ليست مشكلة بالنسبة لهم، فقد عودت طفليها على تجربة أطعمة جديدة. وهنا توضح مريم قائلة: “عندما كانا في سن الرضاعة، كنت آخذ معي كميات كافية من طعامهما الأساسي أو أشتري خضروات وأسماكاً محلية وأقوم بطهيها بنفسي لتجربة المكونات الجديدة بطريقة صحية”. وتضيف “هناك سر صغير يساعدني في جعل الرحلة أكثر متعة وسلاسة، وهو ألعاب السفر. دائماً ما أختار ألعابهما المفضلة، بالإضافة إلى ألعاب جديدة أقدمها لهما فقط عند السفر، سواء على متن الطائرة أو عند الوصول إلى الوجهة. هذه الحيلة البسيطة تخلق لهما لحظات من السعادة وتساعد في ضبط مزاجهما خلال الرحلة”.
صعوبات الرحلة العائلية
توضح مريم ل،” سيدتي” أن “السفر مع الأطفال تجربة رائعة، لكنها بالتأكيد تأتي مع تحدياتها، وأبرزها الإرهاق والطيران الطويل. عندما يكون برنامج الرحلة مليئاً بالأنشطة، غالباً ما يشعر الأطفال بالتعب بسرعة ويريدون أن نحملهم. لهذا السبب، لا أسافر أبداً من دون عربة الأطفال، التي كانت في الأساس مخصصة لابني الصغير (الآن عمره 3 سنوات)، لكنها أصبحت وسيلة راحة حتى لطفلي الأكبر، الذي يبلغ 7 سنوات. عندما يكون أخوه الصغير نشيطاً، يستغل الفرصة ليستلقي قليلاً ويستريح. بصراحة، عربة الأطفال أنقذتني في العديد من الرحلات، فهي تخفف عنهم التعب وتساعدني في التنقل بسلاسة من دون الحاجة لحملهم طوال الوقت”. وتضيف أنه “من أصعب اللحظات التي أواجهها هي الرحلات الجوية التي تتجاوز 8 ساعات. الضغط الجوي يرهقهم، والجلوس لفترة طويلة في نفس المكان ليس سهلاً على الأطفال. لكنني دائماً أحاول تحويل الرحلة إلى تجربة ممتعة بدلاً من التركيز على تعبها. أحضر لهم ألعاباً مسلية، وجبات خفيفة يحبونها، ونقوم بمشاهدة الأفلام أو حتى الغناء أحياناً. كما أننا نأخذ استراحات قصيرة في الطائرة، نقوم بجولة في الممرات، ونحاول النوم قليلاً. ورغم أنهم ينامون في النهاية، إلا أنني غالباً ما أبقى مستيقظة”.
لنكاوي وبالي وجهتان عائليتان بامتياز

تقول مريم: ما جعل بالي وجهة ساحرة لعائلتنا هو التفاعل المباشر مع الحيوانات. بدلاً من رؤيتها داخل أقفاص في حديقة الحيوان، كانت القردة والفيلة والببغاوات وحتى الثعابين جزءاً من المشهد اليومي! من التجارب التي لن ينساها أطفالي:
• زيارة حديقة حيوان بالي وحديقة بالي للطيور، حيث أطعموا الحيوانات وتواصلوا معها عن قرب.
• تجربة مذهلة في حديقة طيور بالي، حيث تجرأ ابني على لمس ثعبان ضخم، بينما لم أستطع فعل ذلك!
• الإقامة في فيلا بمسبح خاص وسط الطبيعة، حيث شعروا وكأنهم في مغامرة خيالية، وسط أصوات الأدغال والفاكهة الاستوائية اللذيذة.
• العروض الباليزية التقليدية، حيث اندهشوا من الأزياء، الموسيقى، والرقصات الغريبة عن ثقافتنا.
• المشي لمسافات طويلة للوصول إلى الشلالات، والسباحة في المياه النقية، مما جعلهم يشعرون وكأنهم مستكشفون حقيقيون”.

وعن لنكاوي تعدد مريم النشاطات التي استمتعوا بها هناك:
• مشاهدة النسور عن قرب وإطعامها، في تجربة أدهشتهم تماماً.
• استكشاف الكهوف المظلمة المليئة بالخفافيش، حيث كانوا مذهولين بالمشهد وكأنهم في فيلم مغامرات!
• المشي فوق واحد من بين أطول الجسور المنحنية في العالم، حيث شعروا وكأنهم يطيرون فوق الطبيعة الخلابة.
• تجربة المأكولات الماليزية، وخاصة أطباق الأرز مع المأكولات البحرية والعصائر الاستوائية الفريدة.
• التواصل مع السكان المحليين، حيث كوّنوا صداقات جديدة واستمتعوا بلحظات من المرح والضحك.
معايير اختيار الفندق
بالنسبة لمريم، تأتي النظافة ضمن المعايير الأولى عند اختيار الفندق المناسب، علمًا أنه لا يكفي أن تبدو الصور جميلة بل تقرأ التعليقات بتركيز شديد، وتبحث عن آراء المسافرين العائليين تحديداً. أضيفي إلى ذلك، اختيار الفندق الذي يتمتع بموقع مثالي، أي القريب من وسط المدينة أو المناطق الحيوية، لتسهيل التنقل والوصول إلى الأنشطة، والفندق القريب من وسائل المواصلات العامة، حتى لا تضطر للاعتماد على سيارات الأجرة طوال الوقت. كذلك الفندق القريب من صيدلية أو مستشفى تحسباً للتعرض إلى أي ظرف طارئ.
من جهة ثانية، لا تختار مريم غرفة صغيرة جداً، بل تبحث عن غرف عائلية واسعة أو أجنحة توفر مساحة للحركة واللعب. إذا كان هناك خيار لشقة فندقية مع مطبخ صغير، تفضله أحياناً لسهولة تحضير الوجبات الخفيفة للأطفال.
وتشدد مريم على أهمية قراءة التعليقات والتجارب الفعلية للنزلاء قبل الحجز.
نصائح مهمة للراغبين بالسفر مع أولادهم

تنصح مريم المسافرين بألا يخافوا من السفر مع أطفالهم، علماً أن الكثير من الآباء يعتقدون أن السفر مع الأطفال مرهق ومستحيل، لكن الحقيقة أنه تجربة رائعة ستقوي علاقتكم وتجعل من أطفالكم مغامرين صغاراً يحبون الاستكشاف والتعلم من العالم من حولهم.
في الآتي، نصائح من مريم استناداً على تجربتها الشخصية في السفر العائلي:
• اختاروا وجهات مناسبة للأطفال، تحتوي على أنشطة ممتعة لهم.
• احجزوا فنادق مريحة وقريبة من المرافق الضرورية، مثل الصيدليات والمواصلات.
• تأكدوا من وجود خدمات مناسبة للعائلات مثل مناطق لعب للأطفال.
• خذوا فقط الضروريات، وركزوا على الأشياء التي تسهل الرحلة مثل العربة للأطفال الصغار، وحقيبة إسعافات أولية، ووجبات خفيفة. فضلاً عن الألعاب الخفيفة والقصص المصورة تساعد في الترفيه عنهم أثناء الرحلة.
• اسمحوا لأطفالكم بالمشاركة في التخطيط، فمثلاً يمكنهم اختيار بعض الأنشطة أو البحث عن أماكن ممتعة للزيارة.
• اجعلوا كل تجربة مغامرة، سواء كانت ركوب وسائل المواصلات العامة، تذوق أكلات جديدة، أو مشاهدة معالم غريبة.
• علموا أطفالكم احترام الثقافات المختلفة، وتقبل التنوع.