محللون إسرائيليون: نتنياهو يسعى للانزلاق لنظام ديكتاتوري للحفاظ على حرب أبدية ويبقى بالحكم

أكد المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الثلاثاء، على أن "إسرائيل خرقت الليلة الماضية بشكل متعمد اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، بمصادقة أميركية، لأنها لم تشأ تطبيق جميع الشروط التي تعهدت بها قبل شهرين. ولا توجد طريق أخرى لتفسير القرار باستئناف القتال في القطاع".
تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
وأضاف أنه "لا يمكن اعتبار تنكيل حماس النفسي بالمخطوفين وأفراد عائلاتهم طوال دفعات التحرير (تبادل الأسرى) الأخيرة أنه خرق كبير للاتفاق من جانبها. فحكومة إسرائيل هي التي لم تنفذ الاتفاق، عندما لم تستكمل في الأسابيع الأخيرة انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وخاصة من محور فيلادلفيا، مثلما التزمت. وحماس رفضت غض الطرف والتقدم في تحرير مخطوفين بموجب مبادرات الوساطة الجديدة التي طرحها الأميركيون، وأصبحت المفاوضات عالقة".
وتوقع هرئيل أن تواصل إسرائيل غاراتها الجوية لاحقا، "وكذلك تنفيذ خطة رئيس هيئة الأركان العامة، إيال زامير، باجتياح بري جديد وواسع في القطاع، أملا بأن تهزم هذه المرة نهائيا حماس"، وأن تشارك في الاجتياح، عدة فرق عسكرية، بعد استدعاء واسع لقوات الاحتياط مرة أخرى، "وسيتم لأول مرة في ظروف لا يوجد فيها إجماع حقيقي في الجمهور على عدالة العودة إلى الحرب".
ويدعي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أنه فقط من خلال الضغط العسكري على حماس سيكون بالإمكان إعادة الأسرى الإسرائيليين الـ59 الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة.
لكن هرئيل شدد على أن "هذه ذريعة مفندة منذ فترة طويلة. وعمليا، هناك 40 مخطوفا تقريبا ماتوا في القطاع، في ظروف مختلفة، بعد أن اختطفوا أحياء من الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر. واستئناف الضغط العسكري يشكل بكل تأكيد خطرا على المخطوفين الأحياء، ومن شأنه أن يؤدي إلى تشديد آخر في ظروف أسرهم المستحيلة، وفي سيناريو أكثر تطرفا يمكن أن يدفع حماس إلى استهداف بعضهم كانتقام".
وتبرر الحكومة الإسرائيلية استئناف الحرب على غزة بهدف إخراج المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى من الجمود، وأن تنفذ تعهدها بهزم حماس، "بالرغم من أن الجداول الزمنية لتحقيق هذين الهدفين ليسا متزامنين. إذ أن المخطوفين يمكن أن يموتوا قبل أن تهزم حماس، إذا سيحدث هذا الأمر أصلا" وفقا لهرئيل.
وأشار المحلل إلى "وجود سلسلة من الأهداف السياسية الملحة التي لا يتحدث نتنياهو عنها بصوت مرتفع، وهي إعادة بن غفير وحزبه إلى الحكومة، والمصادقة على الميزانية واستقرار الائتلاف. وهذه المرة، هذه فعلا حرب سلامة نتنياهو بالكامل، وبضمن ذلك المحاولة لصرف أنظار وسائل الإعلام عن الاحتجاجات المتجددة ضد الحكومة، على خلفية عزم نتنياهو إقالة رئيس الشاباك".
ورأى هرئيل أن "الغاية الحقيقية التي يسعى نتنياهو إليها هي الانزلاق تدريجيا إلى نظام ذي مميزات ديكتاتورية، بحيث يحاول ضمان بقائه بواسطة الحفاظ على حرب أبدية في عدة جبهات. ويبدو أنه بالنسبة له بإمكان المخطوفين أن يموتوا في الأنفاق، مع عِلمه بأنهم ساهموا في بقائه في الحكم".
كذلك رأى المحلل السياسي في موقع "واللا" الإلكتروني، باراك رافيد، أنه "على عكس تصوير الأحداث في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن وقف إطلاق النار لم ’ينهر’، وإنما الحكومة الإسرائيلية ’تسببت بانهياره’".
وأضاف أن "قرار استئناف الحرب من شأنه أن يؤدي إلى أشهر طويلة أخرى من الحرب في غزة، ولمقتل جنود كثيرين في عملية برية متجددة، ولمزيد من الدمار الهائل في غزة ولمقتل آلاف أخرى من الفلسطينيين، ويشكل خطرا كبيرا على الـ22 مخطوفا الذين بموجب التقديرات الإسرائيلية لا يزالون على قيد الحياة".
ولفت رافيد إلى أنه "وفقا لإفادات مخطوفين تحرروا وخلافا لادعاءات الحكومة، فإن الضغط العسكري أدى بالأساس لمقتل مخطوفين وليس لتحريرهم أحياء. وقررت الحكومة استئناف الحرب عشية استئناف الاحتجاجات العامة ضدها على خلفية خطواتها لدفع الانقلاب على القضاء واستهداف المؤسسات الديمقراطية".
ووفقا لرافيد، فإن "نتنياهو والوزير المقرب منه، رون ديرمر، حاولا إقناع إدارة ترامب بالتنكر للصفقة التي تحققت بوساطة إدارة بايدن. وهذه لم تكن مهمة شاقة على إثر الاحتقار البنيوي الذي يكنه ترامب تجاه أي خطوة نفذها سلفه في المنصب".
وأضاف أن "نتنياهو دفع الأميركيين إلى طرح سلسلة مقترحات جديدة في محاولة للالتفاف على التعهد المركزي الذي وافقت حماس عليه في الصفقة الأصلية، وهو موافقة إسرائيلية على وقف إطلاق نار دائم".
وتابع أن "ترامب، الذي تعهد بإنهاء الحرب في غزة، قد يجد نفسه الآن في الوضع نفسه الذي تواجد فيه بايدن، بمنحه دعما لحرب لا تنتهي، ومن دون قدرة على التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تحرير مخطوفين ووقف إطلاق نار دائم. وفي وضع كهذا، قد يواجه ترامب صعوبات في تنفيذ خطوات أخرى أراد تنفيذها في الشرق الأوسط".
وأشار رافيد إلى أن تقديرات مسؤولين إسرائيليين تفيد بأن "حماس ستواجه غزوا إسرائيليا متجددا بواسطة تفجير ألغام وحرب عصابات بالأساس. وطريقة القتال هذه أدت لمقتل جنود كثيرين في الأشهر التي سبقت وقف إطلاق النار، والتقديرات في إسرائيل هي أن هذا ما سيحصل هذه المرة أيضا".
المصدر: عرب 48