اختتمت أسواق الأسهم الأمريكية أسبوعًا متقلبًا بارتفاع ملحوظ في نهاية المطاف، بعد أن شهدت ضغوط بيع كبيرة خلال الأسبوع. هذا الارتداد أعاد بعض الثقة إلى المستثمرين الذين كانوا قلقين بشأن مسار الأسهم الأمريكية بعد فترة من المكاسب القوية. شهدت أسعار العديد من الأسهم المدرجة في مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” ارتفاعًا، مما ساهم في صعود المؤشر العام بنسبة 1%.
أدى تعافي مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” جزئيًا إلى تخفيف حدة المخاوف بشأن تصحيح أوسع نطاقًا. وشهد سهم شركة “إنفيديا”، الرائد في مجال أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، تقليصًا لمعظم خسائره، بعد تقارير عن محادثات داخل الإدارة الأمريكية حول السماح للشركة ببيع رقائق الذكاء الاصطناعي “H200” إلى الصين. كما ساهمت تلميحات من مسؤول في الاحتياطي الفيدرالي بشأن إمكانية خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب في تحسين معنويات السوق.
تقلبات الأسواق وتأثيرها على الأسهم الأمريكية والعملات الرقمية
شهدت الأسواق هذا الأسبوع تقلبات حادة، خاصة في الأصول التي يفضلها المستثمرون الأفراد، مثل العملات المشفرة وأسهم شركات الذكاء الاصطناعي. هذه التقلبات تأتي في ظل حالة من عدم اليقين بشأن قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، وهو ما قد يؤثر على جاذبية الاستثمار في الأسهم.
وأشار مارك هاكيت من “نايشنوايد” إلى أن هذه الفترة تمثل اختبارًا للرواية الاستثمارية الأوسع نطاقًا، وليس بالضرورة انعكاسًا لتغير حقيقي في الاتجاه. وأضاف أن هذه التقلبات غالبًا ما تعمل كصمام أمان للسوق، مما يسمح بإعادة تقييم المراكز وتعديلها بعد فترة من الهدوء النسبي.
انخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية بعد تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، التي ذكرت إمكانية التيسير النقدي في المستقبل القريب. على الرغم من ارتفاع التوقعات بخفض أسعار الفائدة في ديسمبر، إلا أن الآراء بين مسؤولي الفيدرالي لا تزال متباينة بشأن هذا الأمر. بالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء نشر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أكتوبر بسبب الإغلاق الحكومي، مما زاد من حالة عدم اليقين.
أداء أسوأ شهر لـ “بتكوين” منذ 2022
على الرغم من الارتداد في أسعار الأسهم، لا يزال من المتوقع أن يشهد مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” أداءً شهريًا ضعيفًا في نوفمبر. وهذا يعتبر أمرًا نادرًا، نظرًا لأن شهر نوفمبر غالبًا ما يكون فترة إيجابية بالنسبة لأسواق الأسهم. في المقابل، تعرضت العملة المشفرة “بتكوين” لضغوط بيعية كبيرة، وتتجه لتسجيل أسوأ أداء شهري لها منذ انهيار سوق العملات المشفرة في عام 2022.
وقال لويس نافيلييه من “نافيلييه آند أسوشيتس” إن الجانب الإيجابي من الهبوط الحالي قد يمهد الطريق لارتداد قوي في الأسعار في نهاية العام، خاصة إذا تحقق خفض أسعار الفائدة المتوقع في ديسمبر. كما أشار إلى وجود علامات على الاستسلام في سوق الأسهم، مما قد يؤدي إلى مزيد من البيع قبل أن تستقر الأمور.
تداعيات الديون على شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
أصبح المستثمرون أكثر قلقًا بشأن مستويات الديون المتزايدة لشركات التكنولوجيا الكبرى، والتي تستخدم هذه الديون لتمويل استثماراتها الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي. هذا التحول من الاعتماد على الأرصدة النقدية إلى تمويل الديون يثير مخاوف بشأن المخاطر المحتملة في حالة تباطؤ النمو أو ارتفاع تكاليف الاقتراض. وشدد خبراء مثل بوب سافاج من “BNY” على أهمية مراقبة الهوامش الربحية والعوائد على الاستثمار في قطاع التكنولوجيا.
وأضاف سافاج، أن أداء السوق في الربع الرابع من العام سيكون حاسمًا في تحديد ما إذا كانت الشركات التكنولوجية قادرة على الحفاظ على هيمنتها، وأشار إلى أن تقارير الأرباح ستكون حاسمة في هذا الصدد. ويذكر أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يتطلب تمويلاً كبيراً، مما يدفع الشركات إلى البحث عن مصادر تمويل متنوعة.
في الختام، لا تزال أسواق الأسهم الأمريكية والعملات الرقمية تواجه حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل السياسة النقدية وتأثيرها على النمو الاقتصادي. من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم المقبلة، وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، وأداء الشركات التكنولوجية في الربع الرابع لتقييم المخاطر والفرص الاستثمارية. من المهم أيضًا متابعة تطورات سوق العملات المشفرة وتقييم مدى استقرارها في ظل الظروف الحالية. يبقى الأداء المستقبلي لـ الأسهم الأمريكية مرتبطًا بشكل كبير بتطورات كل من البيئة الاقتصادية الكلية والابتكارات في قطاع التكنولوجيا.
